واصل الكاتب في هذه المقالة معالجته لقواعد المنهج الإسلامي وأبرز معالمه، وتناول التأثر بالغرب في تقسيم التاريخ إلى قديم وأوسط وحديث، ليبين الاختلاف الجذري بين مفهوم (السلفية) بين العقيدة الإسلامية، والفلسفة الغربية؛ وقد رجع إلى القرآن الكريم، والحديث الشريف، والبحوث المنشورة حول السلفية والحضارة وفلسفة التاريخ؛ واستهلّ بمعالجة مصطلح السلفية، فأوضح أنها أصبحت علمًا على أصحاب منهج الاقتداء بالسلف من الصحابة والتابعين من القرون الثلاثة الأولى، ومن تبعهم من الأئمة، وسائر أصحاب السنن، وشيوخ الإسلام المحافظين على طريقة الأوائل، من أمثال ابن تيمية، ومحمد بن عبدالوهاب، ثم أصحاب الاتجاهات السلفية المعاصرة؛ كما تعني السلفية كمصطلح في مدلولها الخاص الاقتداء بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم التي تمثل القمة للسلفيين؛ وقد ظهر المصطلح في مقابل الانحرافات التي كانت تأخذ مجراها في تاريخنا العقدي والثقافي، وأصبح في العصر الحديث علمًا على أهل التوحيد منذ حركة محمد بن عبدالوهاب؛ وقد ذكر أن المستشرق ماسينيون حذر فرنسا مما سماه بحركة "السلفيين المتشددين" التي عدّها انتفاضة إسلامية للتخلص من الاستعمار الغربي، وقد أعطت هذه الحركة لمفهوم السلفية بعدًا جديدًا في العصر الحاضر، حيث أخذت على عاتقها المحافظة على أصالة الأمة الإسلامية في عقيدتها وشريعتها وأخلاقياتها حتى لا تتميع أو تهتز تحت ضربات الغزو الأجنبي؛ ثم تناول الكاتب السلفية بالمفهوم الغربي وناقش رأي المؤرخ "توينبي" الذي عدّ السلفية سقوطًا من الوضع المتحرك النشط المتقدم للحضارة إلى وضع الركود المتخلف، وردّ على ماذهب إليه "توينبي"؛ ثم تناول السلفية والحضارة الإسلامية وتواصلها، كما تناول هدف السلفية وضوابطها الثابتة الكفيلة بتخريج طلائع أفذاذ لقيادة الحضارة الإسلامية من جديد كلما خفت ضوؤها، وهم يشكلون باجتهاداتهم سلسلة متصلة من الجهود المبذولة والمحافظة على طريقة الاتباع لا التقليد، والمسندة إلى القرآن الكريم والسنة المطهرة، التي تؤكد على نقاء التوحيد الإسلامي في العقيدة والعبادة، ثم الجهاد للتخلص من الغزو الغربي بكل صوره؛ وبحث مفهوم التقدم، والارتقاء الأخلاقي في الإسلام الذي يمثل أساس التقدم الحقيقي للإنسان.
|