حقق الباحث في كلمة "الأريسيين" لفظًا ومعنى الواردة في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل الروم، وقد قدّم التحقيق بإثبات نص الرسالة، وهدف إلى بيان كيف نطق السابقون الكلمة، وبم شرحوها، ثم طرح رأيه حول ذلك، وقد رجع في هذه الدراسة الوثائقية إلى السيرة النبوية، وتواريخ الصحابة والخلفاء، ثم مصادر تاريخ الأقباط والبطاركة والكنيسة في مصر، وقد ذكر أن كلمة "الأريسيين" وردت في عبارة النبي الموجهة إلى هرقل: "فإن توليتَ فعليك إثم الأريسيين"، وذكر الباحث أن كلمة الأكارين، أو كلمة الفلاحين وردت في بعض الروايات بدلاً من كلمة الأريسيين، لكنه رجح استخدام كلمة الأريسيين في الرسالة المبحوثة، وتطرق إلى ماورد في صحيح مسلم من الروايات الأربع في ضبط الكلمة، ثم تطرق إلى تفسيرها فأورد أن المعنى بها في شرح مسلم هو الفلاحون، وهم أهل السواد، وخُص ّ هؤلاء بالذكر لأنهم أسرع انقيادًا من غيرهم إذ الغالب عليهم الجهل والجفاء وقلة الدين، والمراد اليهود والنصارى، وورد في معاجم اللغة: الأريسي والأريس على وزن جليس، والإريس على وزن سكيت: الخادم، والأكار، وتطرق الكاتب إلى غير ذلك من التفسيرات للكلمة، وقد استبعد صحة التفسيرات الواردة وأكّد أن من غير المعقول أن يعبر عن اليهود والنصارى معًا بكلمة الأريسيين لأننا إذا رجعنا إلى كتب النبي المبعوثة إلى الملوك وجدنا ذكر النصارى في كتابيه إلى النجاشي والمقوقس، واستبعد أن يكون الفلاحون هم المقصودين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر في كتبه الأخرى إلى الملوك والولاة صنفًا من الناس ذوي حرفة، أما قول الزبيدي: إن في أتباع هرقل فرقة تعرف بالأروسية فجاءت كلمة الأريسيين على النسبة إليهم فهو أقرب إلى الصواب، وقال الباحث: إن في تاريخ المسيحية داعية دعا في مصر إلى التوحيد الخاص اسمه (أريوس)، وانتشرت تعاليمه، وتبعه فيما بعد نسطور وقال: إن المسيح ــ عليه السلام ــ رسول من الله ملهم وموحى إليه، وبقيت تعاليم أريوس ذائعة وقوية في الشرق إلى القرن السابع الميلادي، وكانت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل سنة 630م، ومن هنا رجح نسبة الأرْيسيّين إلى أريوس لأنهم يدينون بالتوحيد، وخصوا بالذكر لأنهم سيرحبون بالإسلام الذي يدعو إلى التوحيد الخالص.
|