دراسة لأدبيات الكاتب عباس الغزاوي حول الغزو والصلح والحرب وعاداتها عند البدو، فالغزو الذي كان شغل البدوي الشاغل، والكثير من آدابهم المنقولة ووقائعهم المعروفة إنما تتعلق بذكرياته. وأسباب الغزو والعداء مختلفة، وقد تتعلق بالنزاع على الكلأ، والمراعي، أو الماء، وقد ترجع لإرضاء رغبات أشخاص معينين، أو لكسب الغازي غنائم وافرة ومكانة مرغوبة ومهابة، والبدوي لا يغزو قريبه، أو يسرقه إلا أن يكون قد حصل عداء بين القبائل التي بينها قربى، وكذلك لا يسوغ له أن يمد يده على الجار أو الحليف، والغزو إجمالاً إنما يكون على العدو، أو من جوز القوم نهب أمواله أو اعتباره محاربًا، وتنعقد الاتفاقات بين الأفراد أو العشائر أو القائمين على الغزو للوقيعة بالعدو والحرب معه أو لترتيب الحصول على الغنائم، وقد تعود تلك الاتفاقات بالويل والخيبة، وقد يغنم المهاجم ويربح الغازي. والصلح والحرب من أعظم المسائل الاجتماعية عند البدو، وهم يراعون الحقوق، والعربي أحفظ لعهوده وأقرب للحق والصراحة، ولا ينكث عهده إلا أن يرى من مقابله ما يدل على العداء أو التحرش أو الإجحاف، وهذا لا يقع دومًا بل نادرًا، كما أن البدوي أنف أبي لا ينسى ما أصابه من حيف أو ناله من ظلم، وللعرب أشعار كثيرة في الثأر والترة مدونة في غالب كتب الأدب ودواوين الشعر، وحتى اليوم فإن العربي يحترم المحالف أو الجار فلا تُنتهك لأي منهما حقوق أو حرمة، بل ينال الرعاية، وكذا النزيل فإن رعايته أكبر واحترامه أكثر، وعلى وجه الإجمال فإن البدو في كافة أحوالهم يتجنبون الحرب ووقائع الحرب المؤلمة بكل ما يستطيعون من قدرة، وعقلاء القوم دائمًا يكبحون شر المتهورين الجامحين، ويحذرون الفتن، ومع هذا، فإنه إذا وقع العداء اتفقوا مع المجاورين وذوي القربى وغزوا أعداءهم فجأة بين آونة وأخرى وانتهبوا ما تصل أيديهم إليه، والغالب أن القتل في الغزو غير مقصود وإنما المقصود المال، وقد مات الغزو مع ارتفاع مستوى التحضر، ووجود قوى الدولة الأمنية والعسكرية المسلحة، وقد تحدث الكاتب عن الألفاظ البدوية المتصلة بموضوعات الدراسة وفسّر مدلولاتها.
|