هدفت الدراسة إلى توضيح السبل التي يستطع المجلس البلدي بها تأكيد استقلاله إلى حد يمكنه من خدمة مجتمعه البلدي على خير وجه في الواقع السعودي، وقد رُجع إلى الدراسات والأنظمة الإدارية السعودية. واستهلت ببحث العلاقات الحكومية / البلدية، وقصد بها ذلك المزيج من الرقابة الحكومية والذاتية البلدية الذي يتماشى مع معطيات البيئة ويعمل على تطوير إدارة البلديات، بما يحقق أهداف تنمية المجتمعات البلدية الواقعة في مجتمع الدولة الكبير الذي يؤدي إلى إحداث تنمية شاملة على مستوى الدولة.
وقد نوقش اتجاه الذاتية في نظام البلديات السعودية المعاصرة، وقرائن وجوده التي تشمل الاعتراف للبلديات بالشخصية الاعتبارية، وعدم فرض الحكومة رئيسًا أو نائبًا لمجلس البلدية، بل ترك ذلك للمجلس بعد تمام تكوينه، وإناطة صلاحية فصل عضو المجلس بالمجلس ابتداءً. ونوقش إطار منهج الذاتية في أعمال البلديات مع التركيز على اتجاهين، أولهما : اتجاه تحجيم الرقابة الخارجية الذي تدعمه عوامل مهمة منها الكفاءة الإدارية لهيئة المجلس البلدي، وملاءمة طرق التوظيف في البلديات، وتناسب تحديد الاختصاصات المحلية، وفلسفة التخطيط الاقتصادي القائم، والمقدرة التمويلية للمجلس البلدي، وطبيعة البيئة البلدية، وثانيهما: اتجاه تعميق واقع الذاتية البلدية الذي تدعمه عوامل مهمة تشمل حق المبادأة البلدية، وعدم التعديل الحكومي في القرار البلدي، واستمرارية المسؤولية البلدية عن القرار البلدي، والتقيد بمبدأ لا رقابة إلا بنص نظامي، وعدم توسع الحكومة في تأويل النص النظامي، وحرية الآراء والقرارات البلدية. والخلاصة أن الوضع الأمثل لعمل البلديات هو الذي يخلو من وجود التنازع بين الاستقلالية الذاتية للبلديات، والرقابة الحكومية.
|