تناول الكاتب الخبر والإنشاء مستهدفًا توضيح مفهومه وأنواعه ومجالات استخدامه، وقد رجع إلى كتاب الله العزيز وتفاسيره ثم الدراسات البلاغية. وبدأ ببيان مفهوم الخبر فهو قسيم الإنشاء، وهو الكلام الذي يحتمل الصدق والكذب لذاته، أي لذات الخبر وبصرف النظر عن قائله، ويكون منه الخبر المقطوع بصدقه أو بكذبه، والخبر الصادق هو ما طابق الواقع أو هو ما صدّقه الواقع، وأما الخبر الكاذب فهو ما خالف الواقع أو هو ما كذّبه الواقع، فمدار الصدق والكذب فيهما على توافقهما أو تخالفهما مع الواقع، وللخبر أنواع يضمهما مجالان هما: مجال تجري فيه أنواع الخبر وفقًا لظاهر حال المخاطب من حيث علمه أو عدم علمه بمضمون الخبر، ومن حيث قبوله أو رفضه لهذا المضمون، بل من حيث درجة هذا الرفض إن كان ثمة رفض، ومجال تجري فيه أنواع الخبر طبقًا لاعتبارات بعيدة عن ظاهر حال المخاطب، أي عن ظروفه من علم أو جهل بمضمون الخبر، ومن قبول أو رفض لهذا المضمون، والاعتبارات في هذا المجال أكثر دقة من الاعتبارات في المجال الأول؛ لأنها تكمن في العمق؛ وهو عمق مزدوج: شقه الأول مرسِل الأدب، وشقه الثاني مستقبل الأدب، ومن أنواع الخبر في المجال الأول النوع الابتدائي، وهو يتحقق بإلقاء الخبر غير مؤكد على خال الذهن من مضمونه؛ ليحصل له هذا المضمون، وسمي ابتدائيًا لمطابقته حال المخاطب، وهو خلو ذهنه من مضمون الخبر، ثم النوع الطلبي الذي يتحقق إذا كان المخاطب بالخبر مترددًا في تصديق مضمونه مما يستدعي الأمر تأكيد الخبر له بقدر الحاجة إلى هذا التأكيد، والنوع الإنكاري وهو يتحقق إذا كان المخاطب منكرًا مضمون الخبر، وينبغي هنا أن نؤكد الخبر على قدر إنكاره، وقد أوضحها الكاتب بأمثلة من القرآن الكريم، وأشار إلى أن أنواع الخبر في المجال الثاني هي الأبلغ، وأن الاحتمالات العقلية لأنواع الخبر في هذا المجال كثيرة، واستشهد الكاتب في بيانها بآي الذِّكْر الحكيم ثم بكلام العرب.
|