ناقش الكاتب نشأة المنبر عند المسلمين، وتناول آراء المستشرقين حول أخذ العرب فكرة إنشائه عن غيرهم، وهدف إلى الرد على مزاعم المستشرقين حول إنشاء المنبر ومصطلحه، وتوضيح التطور التدريجي للمنبر النبوي، وقد رجع إلى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى كتب التاريخ، واللغة، ودراسات المستشرقين المتصلة بالموضوع، وابتدأ بمناقشة مزاعم المستشرق (هـ. بيكر) الذي ذهب إلى أن اللفظ العربي (منبر) مأخوذ عن الحبشية، ورد عليه المستشرق (نولدكه) بأنه لم يميز الفرق بين اللفظين العربي والحبشي، وأوضح الكاتب أن (بيكر) لم يستند إلى قرينة تدعم وجهة نظره، ولم يتتبع خط انتقال الكلمة من الحبشية إلى العربية. وأوضح أن لفظ منبر من مادة (نبر) التي تفيد الارتقاء، وكذلك كلمة (نبرة) التي جعلت أحد أسماء الهمزة، وأصول هذه الكلمات عربية أصيلة، ولذا فقد يكون لفظ (المنبر) مشتقًا منها، ولا يتعارض ذلك مع وجود لفظ مقارب لها في الحبشية، حيث أن هناك عدة ألفاظ مشتركة في اللغات السامية، ولعل فيما ورد في المعاجم العربية من إفاضة شافية في (المنبر) بمعنى مرقاة الخاطب، وأنه سمي بذلك لارتفاعه وعلوه، والمشتقات العديدة من مادة (نبر) ما يعزّز الرأي حول أصل اللفظ العربي، وردَّ الكاتب على مزاعم المستشرقين (بيكر) و(كرزويل) بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اتخذ المنبر في المناسبات التي كان يقابل فيها الوفود وهو العام التاسع للهجرة، وردّ المستشرق (سوفاجيه) على (كرزويل) أيضًا حين ذكر أن الشواهد التي توافرت عن الأشكال التي كانت عليها المنابر الإسلامية خلال القرنين الأول والثاني للهجرة كانت قريبة الشبه بما كان عليه منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قدّم لنا تطور المنبر في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، من استخدام جذع النخل للاستناد إليه، إلى استخدام الجذع والمرقى أو المصطبة، إلى استخدام المنبر الخشبي الذي تناسب ارتفاعه مع ارتفاع سقف المسجد.
|