دراسة لمصطلح عمود الشعر أو قوامه الذي يستقيم به وتاريخه ومعناه توضيحًا لفكرته ونظريته وتميزه واختلافه عن أوزان الشعر عند الغربيين، وقد رجع فيها الدارس لدراسات الشعر والشعراء والنقد الأدبي وأسسه الجمالية. واستهلت الدراسة ببيان أهمية توضيح مضمون المصطلح النقدي، ووجد الدارس أن المصطلحات النقدية تعبر عن مفهومات عقلية ولا بدّ أن تكون قد اشتقت من أصل محس للمشابهة بينهما، ونظر في الدلالة المادية المحسة للفظة عمود قبل إسنادها إلى كلمة شعر، وأشار إلى أن معجمات اللغة تجمع على أن العمود في الأصل هو الخشبة القائمة في وسط الخباء، وأشار الشدياق إلى أن "العين والميم والدال أصل كبير، فروعه كثيرة، ترجع إلى معنى الاستقامة في الشيء منتصبًا أو ممتدًا، وكذلك في الرأي، وعمود الأمر قوامه، وعمود الأذن معظمها وقوامها الذي تثبت إليه. وقد أسندت لفظة عمود مجازيًا لبعض المفهومات الذهنية كالصلاة والخطابة والجمال فقد ورد مثلاً في الحديث الشريف أن: "الصلاة عمود الدين". وهكذا دلّ مفهوم اللفظة على معظم الشيء وهيكله وجماعه، وبهذا المعنى الواسع انتقلت اللفظة إلى الدلالة الاصطلاحية النقدية عند نقاد القرنين الثالث والرابع. ثم أوضح الكاتب أن المتتبع لجذور نظرية عمود الشعر يجد أن مفهوم عمود الشعر كان معروفًا قبل زمن البحتري، وإنما المرزوقي المتوفى في بدايات القرن الخامس الهجري هو الناقد الذي أعطى عبارة "عمود الشعر" وضوحها وقوامها، وحدد مضمونها وخصائصها السبع ومعاييرها، وقد قال القاضي الجرجاني المتوفى في أخريات القرن الرابع الهجري بعناصر الشعر التي عرفها المرزوقي، وجذور كلام القاضي موجودة في كلام الآمدي في القرن الثالث الهجري والذي لم يحدد بدوره ماهية عمود الشعر كما فهمها هو أو نقاد عصره. وانتهى الكاتب بتفصيل رأي المرزوقي في معايير عمود الشعر الآتية: المعنى، واللفظ، وإصابة الوصف، ومقاربة التشبيه، والتحام أجزاء النظم، والاستعارة، ومشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائهما للقافية، وهي تميزه وتفرقه عن أوزان الشعر الغربي
|