يدرس الكاتب نظام الدولة التي أنشأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدف إلى بيان مقومات ذلك النظام والمبادئ التي أقرتها الدولة الإسلامية، وقد رجع إلى القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة، ثم إلى مصادر السيرة النبوية الطاهرة وتاريخ الدولة الإسلامية. لقد كان نظام الدولة التي أنشأها رسول اللهصلى الله عليه وسلم يختلف اختلافًا كليًا عن جميع الأنظمة، لأنه كان مزيجًا من الشورى والاستقلال بالحكم، ويقول الله تعالى: {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله}، وكان هذا النظام في إطاره العام دينيًا، يعتمد على الأحكام الشرعية وتعاليم السماء، ولكنه في تفاصيله وتطبيق أحكامه شوريّ، وقد أقرّت الدولة الإسلامية مبدأين على جانب كبير من الأهمية وهما: حرية العقيدة وبموجبها تكفل الدولة لأصحاب العقائد المختلفة الحق في الحياة، وتضمن لهم الاستقرار داخل المدينة المنورة ولايتآمرون على الدولة قال تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيّ}، والمساواة التي تعني أن جميع الرعايا في الدولة متساوون في الحقوق والواجبات مساواة تامة، بلا أدنى فرق بين طائفة وأخرى، فالكل أمام عدالة القرآن الكريم وعدالة الإسلام سواء، وقد قرّر الإسلام مبدأه الأساسي في المساواة بين الناس في أكمل صورة، واتخذه دعامة لجميع ما سنّه من نظم لعلاقات الأفراد بعضهم ببعض، وطبّقه في جميع النواحي التي تقتضي العدالة الاجتماعية. وتناول الكاتب سياسة الرسولصلى الله عليه وسلم الداخلية، فلقد برزت عبقريته وتجلت مقدرته العظيمة في تدبير شؤون المسلمين والدولة، وشملت مهمته إلى جانب تبليغ رسالة السماء تنظيم شؤون الدولة بالمدينة المنورة، فوفق بين الأوس والخزرج ووحّد صفوفهما، وقد انضم إليهم المهاجرون في بناء المجتمع الإسلامي الموحّد، وقد وضع صلوات الله عليه وسلامه دستورًا ينظم شؤون الحياة في المدينة ويحدد العلاقات بينها وبين ما جاورها من البلاد، وعرف الدستور باسم الصحيفة، وتناول سياسته الخارجية، وبناء المسجد النبوي والمساكن بالمدينة، وانتهى الكاتب إلى أن أسس المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم تضع الأمة الإسلامية في موقع وسط تنمو نموًا مطّردًا وتقيم ميزانًا عدلاً ومقاييس صحيحة على جميع تصرفاتها