دراسة مقارنة لسبأ في النص القرآني، وفي الخبر التاريخي، وقد رجع الكاتب إلى القرآن الكريم، ثم إلى التوراة، وكذلك إلى المصادر التاريخية، وأوضح أنّ القرآن الكريم قد أتى على ذكر بعض الأمم البائدة والأحداث التاريخية القديمة للحضّ على السير في الأرض ومشاهدة آثار الأولين ودراستها للاعتبار منها، وأخذ الموعظة منها، والربط بين المعلومة الأثرية والعبرة المستفادة منها، ثم إنه من مقاصد السير في الأرض والتعرف على ماضي الأقوام وموقفهم من الأنبياء الذين أرسلوا إليهم مواساة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته وتطمينه وتبشيره بأن النصر بإذن الله حليفه، وإن القرآن الكريم من أفضل المراجع التي لا بد أن يرجع إليها عند دراسة تاريخ الأمم القديمة وآثارها للتحقيق في أحوال هذه الأمم وعقائدها بهدف توحيد العبادة لله وحده. إن من دلائل الإعجاز التاريخي للقرآن الكريم أن يشير إلى ما كانت عليه بعض الممالك والأمم البائدة من حضارة وتقدم مما كشفت عنه حديثًا أعمال البحث والتنقيب الأثري في القرن العشرين. ومنها مملكة سبأ في اليمن المذكورة في سورتي النمل وسبأ في القرآن الكريم، وإن ما ورد فيه عن سبأ وبخاصة عن سدّ مأرب، وسيل العرم تؤكَّده نتائج الحفريات الأثرية في مأرب وصرواح، وقد انتهت هذه المملكة باحتلال الأحباش لليمن سنة 525م، وقد تميزت حضارة السبئيين القديمة بتوفير أسباب الرخاء والاستقرار ووسائل استثمار الأرض واستزراعها وريها بإقامة السدود وحجز مياه السيول، وكان للسبئيين تجارة نشطة تجوب الجزيرة العربية من الجنوب إلى الشمال ووصلت بلاد الشام. وقد جرى تناول تاريخ اعتلاء بلقيس عرش سبأ وازدهارها في عهدها مما كان له أكبر الأثر في لفت نظر الملك سليمان إليها، وجرى التطرق إلى سيرتها في كتب التاريخ، والروايات الحبشية، وكتابات مفسري القرآن الكريم، ثم جرى تناول سيرتها في القرآن الكريم، وعرضت قصة سيل العرم وانهيار سد مأرب وإغراق مياهه للأراضي وتفرق الناس عنه، وقد ساق القرآن الكريم هذه القصة لكفار قريش للعبرة والموعظة.
|