يعود السبب وراء دراسة بلاد السراة في كتاب صفة جزيرة العرب إلى السعي إلى معرفة الجوانب التاريخية والسياسية والحضارية لبلاد السراة الممتدة من الحجاز شمالاً إلى اليمن جنوبًا والتي ظلت المعلومات عنها قليلة. وقدّم الباحث لدراسته بالتعريف بحياة الحسن بن أحمد بن يعقوب المكنَّى بأبي يعقوب الهمداني ويُعْرَفُ أيضًا بالنسابة، وبابن الحائك، وكان لتنقله ما بين مدن اليمن والحجاز أثر في التقائه برجال الفكر والعلماء والشيوخ في مكة المكرمة خاصة والأخذ عنهم، وتركزت الدراسة على ما ورد فيه من معلومات عن المناطق المرتفعة الواقعة جنوب الطائف والممتدة جنوبًا صوب نجران، والتي أُطلق عليها بلاد السراة. وتناولت جغرافية بلاد السراة الطبيعية والبشرية، ولكن الدراسة لم تشمل الجبال الممتدة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ثم بلاد الشام والمسماة هي الأخرى بالسراة، وعرّف الهمداني السراة بأنها ما استوسق واستطال من جبال هذه الجزيرة، وتحدّث عن أطرافها الجنوبية الممتدة إلى داخل اليمن، ونسب الأرض إلى القبيلة، كسراة الكلاع، والمعافر، وخولان، وقدّم الهمداني وصفًا لبلاد السراة والقبائل التي فيها مع الإشارة إلى فروع التجمعات السكانية والنهضة الحضارية في عصره، وأما الحياة الاجتماعية في بلاد السراة فالتركيبة السكانية قوامها القبيلة، ووُصفت عادات وتقاليد أهل السراة، أما عن الحياة الاقتصادية فقد ذُكرت مقوماتها ومواردها، وخلصت الدراسة إلى أن بلاد السراة كانت من أكثر المناطق التي عاشت حالة الفوضى والصراعات القبلية لكثرة القبائل واختلافها وبعدها عن مراكز القيادة الإدارية المركزية في عواصم الدول الإسلامية.
|