تتوافر ثلاثة نماذج من قباب المرابطين، فأما أولها فهو نموذج قبة العقود المركبة، وثانيها نموذج قبة المقرنصات، وثالثها نموذج قبة الضلوع البارزة بمدينة تلمسان الذي تناوله هذا البحث، وقد رجع فيه للدراسات العربية والفرنسية والإسبانية والإنجليزية المتصلة بالموضوع. وقد استُهلّ البحث بمناقشة التكوين المعماري لقبة الضلوع المشكّلة من العقود المتقاطعة، ويعرف هذا النموذج لدى الباحثين باسم قبة الضلوع البارزة، أو الأوتار لتشييدها من الأوتار الحجرية أو الآجرية التي نتج عن تقاطعها بناء هيكل قبة متماسك الأطراف. وقد مهّد النجاح في بناء نموذج هذه القبة إلى ابتكار عنصر معماري وزخرفي متمثل في مجموعة التكسيات الجصية المفرغة التي ملأ بها المعماريّ المساحات الواقعة بين مسارات الأوتار الحجرية والآجرية البارزة، وأصبح على أثرها خوذة القبة أشبه ما تكون بالحشوة الزخرفية، وقد سمحت التفريغات الجصية بنفاذ الضوء من سطح القبة الخارجي إلى داخل القبة بشكل أكثر وضوحًا عما كانت تؤديه النوافذ المفتوحة في رقبة القبة في القباب الأخرى، ولذلك عرف هذا النوع باسم قبة الضوء، والدافع وراء ابتكارها هو إنارة الموقع. وقد قُدِّم وصف معماري لقبة الضلوع المتقاطعة بجامع تلمسان، ونوقشت الأصول المعمارية لقبة العقود المتقاطعة، وقورن بين نموذج القباب القرطبي، والقبة المرابطية بجامع تلمسان. والخلاصة أن قباب جامع قرطبة، وقبة المحراب بجامع تلمسان كانت - وما زالت - تعبر عن فن راق أبدع فيه المعماريّ القرطبي والمغربي بكل المقاييس، وتمكن من أن يجعل منهما النموذج الذي اعتمد عليه فيما بعد تصميم قباب الكنائس في أوروبا وتشييدها.
|