تركز الكتابات العديدة التي تُعنى بتاريخ الصلات السعودية - الأمريكية اهتمامها بتلك الصلات بعد أن بلغت مرحلة العلاقات الرسمية بما تتضمنه من مباحثات واتفاقيات في مطلع ثلاثينيات القرن الميلادي المنصرم. وتغفل بذلك تناول مرحلة تمهيدية مهمة بدأ فيها اهتمام الجانب الأمريكي بنجد. ويتمثل ذلك الاهتمام بجمع المعلومات عن نجد بهدف التعرف على الأوضاع السائدة هناك وتقويم الإمكانات المتاحة لعلها توفر فرصة تلبي الطموحات التجارية والاستثمارية الأمريكية، وتشترك في ذلك الإغفال المراجع المتاحة كلها؛ فيكتفي كتاب مكرس لتتبع تلك الصلات بالقول: إن الجزء الداخلي في شبه جزيرة العرب ظل حتى نهاية الحرب العالمية الأولى بعيدًا لم يُمس عمليًا، ولم يكن الاهتمام الأمريكي بتلك المنطقة قد وجد تقريبًا(1). أما وزارة الخارجية الأمريكية ذاتها فتقفز أيضًا عن تلك المرحلة التمهيدية المهمة، وتكتفي في موقعها على الإنترنت بالقول: إن العلاقات الدبلوماسية أقيمت بين السعودية والولايات المتحدة سنة 1933م (1352هـ) ثم فتحت السفارة الأمريكية في جدة والقنصلية الأمريكية في الظهران سنة 1944م (1363هـ)(2). ويفيد موقع حكومي آخر بأن العلاقة "الخاصة" بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تعود فعليًا إلى أيام الحرب العالمية الثانية(3). ويزيد باحث متخصص الأمر تعميمًا بقوله: إن الاهتمام الأمريكي بمنطقة الشرق الأوسط برمتها بدأ في حقيقته بعد الحرب العالمية الثانية، أي منذ بروز الولايات المتحدة قوة عظمى في العالم(4). وقد ترتب على ذلك الإغفال شيوع اعتقاد عام مفاده أن اهتمام الولايات المتحدة بنجد ابتدأ مع تنافس الشركات الأمريكية والبريطانية على امتيازات النفط في مطلع ثلاثينيات القرن المنصرم، لذا فقد آن الأوان لتبين مدى صحة ذلك الاعتقاد عن طريق الرجوع إلى الوثائق الرسمية الأمريكية المتاحة. ويحسن قبل تصفح تلك الوثائق إلقاء نظرة سريعة على الخطوات الأولى التي أوصلت الأمريكيين إلى المنطقة المحاذية لنجد.
|