ظهرت العلاقة بين علماء مكة المكرمة والطائف منذ صدر الإسلام، حيث جمعت بين هؤلاء العلماء رابطة العلم، وقد أخذوا على عواتقهم تعليم أبناء مجتمعهم وتثقيفهم(1). وتزداد هذه العلاقة بينهم في فصل الصيف حين تردد علماء مكة بعوائلهم على الطائف للاصطياف، لما تشتهر به من جو عليل، وبساتين غناء جميلة، أشجارها محملة بالثمار المشهورة بمذاقها اللذيذ، فما أن يقترب هذا الفصل من كل عام إلا ونراهم يحطون رحالهم في ربوعه - فتلكم كانت لهم عادة - وأثناء إقامتهم يجتمعون بعلماء الطائف وأدبائه؛ فيتبادلون معهم المعلومات والآراء العلمية مع استمرار دورهم وعطائهم العلمي بإقامة دروسهم التي كانت لهم بمكة المكرمة في مساجد الطائف المشهورة - كمسجد عبدالله بن عباس رضي الله عنهما وغيره من المساجد - وفي دورهم(2). ومن خلال تراجم العلماء المكيين وطلابهم نقرأ العبارات الآتية(3): "وحفظت عليه جانباً من القرآن الكريم، وذلك بالطائف"، "ثم صار يصيف في الطائف في بعض السنين"، "وذهب بعائلته إلى الطائف في صيف السنة المذكورة"، "ويصيف في بعض الأعوام بالطائف، ويشتغل شيخنا المترجم بنفع العباد"، "وطلع إلى الطائف في أوائل شعبان، فمرض هناك، وتوفي بالطائف"، "ورحل إلى الطائف في أيام الصيف"، "وما زال شيخنا ملازما داره التي هي ملاذ القاصدين، وملجأ الطالبين، داعياً إلى الله بحاله ومقاله، متردداً ما بين مكة والمدينة والطائف"، "وكان يتردد إلى الطائف بعائلته في أيام الصيف جملة سنين"، "ولم يرحل لغير مصر إلا في تردداته إلى المدينة المنورة، وإلى الطائف في بعض السنين، واجتمع بمشايخ أجلاء"، "وقرأت عليه جانباً من القرآن الكريم بالطائف ومكة".
|