تُعنى هذه الدراسة بالحكايات والقصص الشعبي في الجزيرة العربية، ويهدف الكاتب إلى التعريف برصيدها وأهميتها وتوثيقها، وقد رجع إلى المعجمات وكتب البلاغة والنحو والأدب العربي، واستهلّ بالحديث عن الموروثات الثقافية في الجزيرة العربية، وبخاصة حكايات الأحداث التي يرويها الآباء مما حدث في فيافي الجزيرة وأماكن الاستقرار فيها، وفيها متعة وعبرة وعظة وتسلية، وفيها حفز على مكارم الأخلاق، وتثبيط عن رديء السلوك، وإعلام للأجيال الحاضرة عن النمط الحياتي الذي ساد عليه الأجداد في معيشتهم اليومية، وتعامل بعضهم مع بعض، وتعاملهم مع الأشياء من حولهم، وتكيفهم مع محيطهم المتقشف، ويؤكد الكاتب قيمة تلك الموروثات الثقافية بوصفها جزء من تاريخ البلاد، مهما كانت مضامينها، فكل مضمون فيه درس ومغزى، ثم عرض للجهود التي بذلت في توثيق التراث الشعبي، فتطرق لجهود فهد المبارك الذي أدرك في وقت مبكر قيمة الأخبار والحكايات الشعبية، فانتخب منها القصص ذات المعنى الكريم المشرف، وصرف وقتًا غير قليل في جمعها والتثبت من صحتها، وتسجيلها عن رجال ثقات، وضمنها في كتابه: من شيم العرب، فكان رائدًا في هذا المجال؛ وحذا حذوه محمد الأحمد السديري الذي صدر له: أبطال من الصحراء، بجزئه الأول، وخصّ تناوله فيه بعض أبطال قبيلة عنزة، وقد سلك مسلكهما أيضًا عبدا$ بن خميس، حيث جمع سبعًا وثمانين قصة كانت المناطق الداخلية من الجزيرة مسرحًا لها، وقد عرّفت القصص المنتخبة بعادات الأجداد ومواقفهم ونظرتهم إلى الأمور، وقد صاغها ابن خميس بأسلوب عربي فصيح بعد سماعها تحكى بكلام عامي، بما توافر له من غزارة في المادة اللغوية والأدبية والعلمية، وقد ساق الكاتب ملحوظات حول عمل ابن خميس، وخلاصة المقالة أن التوثيق المنهجي للتراث الشفوي ضروري لإنقاذه من الضياع وحفاظًا على ذاكرة الماضي.
|