تُعنى الدراسة بأدب هذه الرحلات، ويهدف الباحث إلى تتبع نشاطها وأنواعها وما تمخضت عنه، وقد رجع إلى مصادر الأدب الجغرافي العربي الإسلامي، وكتب الرحلات إلى الأراضي المقدسة؛ وتناول التغطية الجغرافية لأدب الرحلات وأدرك تركيزه على تغطية المدينتين المقدستين وما يمت إليهما من وصف الطريق وغيره، ونبّه إلى ضرورة التمييز بين العهود السياسية المتباينة عند دراسة الرحلات العربية إلى الجزيرة؛ ورأى أن رحلات العرب في هذا القرن إلى الحجاز قد صورت ثلاثة عهود سياسية مختلفة: العهد التركي الذي انتهى سنة 1916م، والعهد الهاشمي من سنة 1916م حتى دخول الملك عبدالعزيز الحجاز سنة 1924م، والعهد السعودي؛ أما العهد الأول فقد مثلته في هذه الدراسة رحلتان: رحلة إبراهيم رفعت المسماة: مرآة الحرمين...، ورحلة محمد لبيب البتنوني مرافقًا للخديوي عباس حلمي سنة 1909م؛ أما العهد الهاشمي فقد مثلته ثلاث رحلات: رحلة محمد رشيد رضا إلى الحجاز سنة 1916م، ورحلة خير الدين الزركلي في "ما رأيت وما سمعت" في سنة 1920م، ورحلة أمين الريحاني في "ملوك العرب، أو رحلة في البلاد العربية" سنة 1922م؛ وقد كثرت الرحلات في العهد السعودي، ووصفت في "رحلة إلى الحجاز" لعبدالقادر المازني سنة 1930م، و"في منزل الوحي" لمحمد حسين هيكل سنة 1936م، ورحلات عبدالوهاب عزام، و"مشاهداتي في جزيرة العرب" لأحمد حسين سنة 1948م، و"في أرض المعجزات" لبنت الشاطئ، و"في مهبط الوحي" لمحمد بديع شريف سنة 1963م، ومعظم تلك الرحلات توجه إلى الحجاز، وزيارة هيكل وبنت الشاطئ لبعض المناطق في نجد أو الأحساء لأغراض صحفية أو سياحية فجاءت كتاباتهم مطابقة لأغراضهم، وقد اجتذبت المملكة العربية السعودية العديد من المفكرين والصحفيين والكتّاب لزيارتها والكتابة عنها، ثم درس الباحث أدب الرحلات مضامينه وأهدافه متناولاً: رحلات الحج والزيارة، والرحلات السياسية، والرحلات الصحفية، مبينًا الظروف التاريخية لكل منها وخصائصها العامة.
|