تناول الباحث العلاقة بين اللغة والمنطق، وبين اللفظ والمعنى في اللغة العربية، وهدف إلى توضيح أبعاد هذه العلاقة. وقد رجع إلى القرآن الكريم، ثم إلى أدبيات الموضوع المنشورة بالعربية. ومهد بالحديث عن اللغة وعلاقتها بالمنطق ثم ناقش نظرية المعنى، وأفكار أرسطو حول الصلة بين اللغة والمنطق وتأثر النحاة العرب بها إلى حد ما، ثم تناول آراء أبي سعيد السيرافي في هذه العلاقة، وفي الخصائص الذاتية المميزة لكل لغة، وتطرق لخصائص العربية وتفردها بميزات لا توجد في لغة أخرى، واهتمامها بالمعنى من قبل أن يُنقل إليها الفكر اليوناني، وعنايتها بجمال الألفاظ وما وراءها من معانٍ، وتناول ظاهرة ائتلاف اللفظ مع المعنى في العربية ليبرهن على أصالتها وقوة عطائها، فيكون اللفظ جزلاً إذا كان المعنى فخمًا، ورقيقًا إذا كان المعنى رشيقًا، وغريبًا إذا كان المعنى غريبًا، ومستعملاً إذا كان المعنى مولَّدًا محدثًا، ومن ائتلاف اللفظ مع المعنى أن يكون اللفظ مساويًا للمعنى حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه، وأن تتلاءم الألفاظ في نظم الكلام مع مقتضى المعنى، وقد ناقش خاصية مهمة للعربية بفقهها ونحوها وبلاغتها بوصفها أكثر اللغات دلالة معنوية، كاشتمالها على أبنيةٍ وصيغ وقوالب دالة على معانٍ وصفات وأحوال، واختصاصها بمنهج فريد في الاشتقاق زودها بذخيرة من المعاني، ودلالة حركاتها على المعاني المختلفة. ثم تناول عروض اللغة العربية القائم على أساس التفاعيل المركبة من الحروف المتحركة والساكنة. وخلص إلى أن اللغة العربية بمزاياها تثبت أنها من أعرق اللغات منبتًا، وأبلغها عبارة، وأغزرها مادة، وأدقها تصويرًا لمرونتها على الاشتقاق، واستيعابها لاحتياطات التعريب، ثم أشار للأزمة المعاصرة التي تواجهها العربية وهي أزمة العزلة عن المعاصرة لأن كثيرًا من المأكولات، والمشروبات، والملبوسات، والمفروشات، وأدوات الاستعمال، والطب يعبر عنها باللفظ الأجنبي، وضرورة مواكبة اللغة للمستجدات في كل المجالات مع المحافظة على خصوصيتها وأصالتها.
|