إنّ أقدم من سجّل عن حرب الدرعية وأخبارها هو ابن بشر، وقد فرغ من كتابة تاريخه سنة 1270هـ، وكان سقوط الدرعية سنة 1233هـ، أي أن تسجيل أحداث الدرعية قد تم بعد سبع وثلاثين سنة من وقوعها؛ من هنا فقد فاته ذكر بعض أخبارها، وقدم الكاتب من واقع مشاهدات بعض من أدرك حرب الدرعية تفاصيل تاريخية مهمة حول موضوع المقالة، حيث ذكر أن الأمير عبدالله بن سعود استسلم للأمر الواقع، وخرج إلى إبراهيم باشا في مخيمه بعد أن بذل كل محاولة لصدّ الهجمات المتوالية على بلاده، وخشي أن يدهم جنود العدو البلاد ويستبيحوها، فتقدّم فداء لحوزة البلاد وحرمة أهلها، وسلّم نفسه لإبراهيم باشا، ولما تقابلا سأله عن سبب عدم إغارة رجاله على حملات التموين المتصلة للجيش المصري التي تحمل جميع المؤن والأطعمة والأسلحة والذخائر، والتي كانت حراستها عاجزة عن صدّ أي غارات متلاحقة، وعن سبب عدم إجهازهم على جيش محمد علي دفعة واحدة عندما انفجرت كل ذخيرته من بارود ومتفجرات وأسلحة مخزونة في مكان ضيق واحد، وعدم مهاجمة جيش إبراهيم باشا عندما سال وادي حنيفة سيلاً عظيمًا فشطر المعسكر المصري شطرين انقطعت الصلة بينهما، فأخبره الأمير عبدالله أن أهل الدرعية كانوا محيطين بكل هذه الإجراءات وأنهم أشاروا عليه القيام بها وألحّوا، وأن ما حدث قضاء وقدر؛ وعلق ابن خميس على أن الاحتجاج بالقضاء والقدر في ذلك الموقف أمر فيه نظر، وأنه لو أُخذ بالأسباب في تلك الظروف لكانت نتائج حرب الدرعية مختلفة، ثم أن الأمير ورجاله لما أرسلوا إلى مصر ساروا بهم مارين بجبال شاهقة ولما جنّ الليل كان بإمكانهم القفز من على ظهور مطيهم والالتجاء للجبال لكنهم لم يفعلوا شيئًا من ذلك على الرغم من أن أحد أصحاب الأمير قد أوحى له بذلك وهو يتحدث في أثناء ما هم سراة، فهذه الأخبار وغيرها لم يتعرض لها المؤرخون.
|