دراسة تاريخية للنشاط التنصيري الأمريكي والإنجليزي في مصر والسودان خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، وهدف الباحث إلى تتبع تاريخ هذا النشاط، وأبعاده، وأهدافه، وأخطاره. وقد رجع إلى المصادر التاريخية عن مصر والسودان في العصر الحديث، والتقارير، والبحوث، والوثائق التي تناولت حركة التنصير والتعليم فيهما أثناء فترة الدراسة. واستهلّ بعرض بدايات النشاط التنصيري الأمريكي في مصر، إذ كانت أول زيارة لأحد رواده إلى مصر في سنة 1851م، ثم قيام الإرسالية الأمريكية بالقاهرة سنة 1854م، التي قاوم وجودها المسلمون. وقد بدأت تلك الإرسالية نشاطها في ميدان التعليم، إذ وصل عدد مدارسها إلى ثلاثين مدرسة في سنة 1878م. ولقي نشاطها الدعم من سلطات الاحتلال البريطاني، ولاقى التعليم الأمريكي رواجًا كبيرًا فقد كان أغلب معلمي المدارس الأمريكية وتلاميذها من المصريين، وقد سعت تلك المدارس إلى اجتذاب فقراء الأقباط الذين تهيئ لهم الإرسالية فرص العمل بعد تخرجهم؛ ولما شعر المسلمون بأن رجال الإرسالية الأمريكية لن يستطيعوا التأثير دينيًا في أبنائهم، أخذوا يرسلونهم إليها، وفي سنة 1907م بلغ عدد المدارس الأمريكية في مصر 271 مدرسة فيها 12640 طالبًا، وكان عدد الأمريكيين 521 أمريكيًا، ثم أخذ عددها والإقبال عليها يتقلص بعد ذلك، بعد ازدياد الوعي وانتشار المدارس الحكومية وتميز برامجها، ثم تناول الباحث التنصير الأمريكي في السودان بالتضامن مع الإنجليز المستعمرين، وكثرة المدارس التي تشرف عليها الإرساليات التنصيرية، وذود رجال الأزهر عن الدين ومعارضة النشاط التنصيري في مصر والسودان، وكما تناول أيضا التنصير الثقافي في حقل الآثار خاصة، وانتهى إلى أن النشاط التنصيري قد أفلح في سعيه بين أقباط مصر، وفي أوساط الوثنيين في جنوب السودان، وأشار إلى دور التنصير الأمريكي وسعيه في تعميق الشعور بالإقليمية، ومحاربة اللغة العربية في جنوب السودان .
|