يُعَدُّ أبو بكر تقي الدين بن زيد الجراعي من الفقهاء الحنابلة، ومن أعلام القرن التاسع الهجري، وعرف بالجِراعي نسبة إلى جِراع من أعمال نابلس، وتناول الكاتب مصنفه الأوائل، وعلم الأوائل علم تعرف به أوائل الوقائع والأحداث والابتكارات، وهو فرع من فروع التاريخ والمحاضرات حسب وصف حاجي خليفة، وهذا اللون من التأليف قديم في المكتبة العربية، وقد اتصل طريفه بتالده، وأُلّف فيه منذ مطلع القرن الثالث الهجري وتواصل التأليف فيه حتى القرن الحادي عشر الهجري، وقد وثق الكاتب أسماء واحد وعشرين مؤلفًا في علم الأوائل تصدرها اسم ابن الكلبي المتوفى نحو سنة 306هـ، وذكر ابن النديم كتابه الأوائل، وآخر الأسماء اسم المولى عثمان بن محمد المعروف بدوقاكين زاده الرومي المتوفى سنة 1013هـ وله: كتاب أزهار الخمائل في وصف الأوائل. ومصنَّف الجراعي الأوائل آخر مصنفاته سنة 883هـ التي توفي فيها، وتعكس محتوياته سعة معرفته واطلاعه على كتب السلف ولا سيما كتب الفقه الحنبلي، وأشار الكاتب إلى خصائص التفكير الحنبلي في التأليف والعقيدة والفقه، ويكثر في الأوائل النصوص والنقول دون تدقيق أو تحليل، وقد أُحصيت مصادر الجراعي في كتابه فبلغت نيفًا وستين كتابًا، اطلع عليها في المكتبة العمرية بدمشق وهي في الحديث والأصول والفقه والتاريخ وفن الأوائل، ككتاب الأوائل للطبراني المتوفى عام 360هـ. ولم يراع الجراعي الترتيب الزمني في أوائله، وقد قسم الجراعي محتويات كتابه إلى عشرين بابًا أولها في خصال الفطرة والوضوء وما يتعلق به، فالصلاة، وأنهاها بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن أمثلة ما سجله من سيرته عليه الصلاة والسلام أن أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة، وأول ما أنزل عليه من القرآن اقرأ، وأول زوجاته خديجة، وأول أولاده القاسم، وبه كان يكنى، وأول غزواته الأبواء، وهو أول من ختم الكتب عن قريش وأهل الحجاز حين احتاج إلى مكاتبة الملوك، وذكر الحسن بن عبدالله بن سعيد أنه اتخذ خاتمًا من ورق
|