تابع الكاتب تناوله للحركة الفقهية ومشاهير الفقهاء في العراق خلال عصر التابعين فتحدث عن البصرة التي سكنها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب، ونزلها جمع من الصحابة منهم عتبة بن غزوان، وبريدة بن الحصيب، وأبو برزة الأسلمي، وعمران بن الحصين، وأنس بن مالك، وقد ساهم هؤلاء الصحابة الكرام في تأسيس مركـز البصـرة العلمـي، وبـرز مـن بينهـم عمـران بن الحصين الذي كان عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ قد بعثه يفقه أهلها، وتتلمذ على الصحابة جمع كبير من التابعين في البصرة، وهؤلاء التابعون أخذوا أيضًا عن علماء الكوفة من أمثال أنس بن مالك الذي كان يقوم بدور مهم في نقل ما سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم وروايته، وكان يوصي تلاميذه بتقييد العلم، وتجدر الإشارة إلى أن معظم البارزين من فقهاء البصرة قد تتلمذوا على أصحاب ابن مسعود الكوفيين، كما أن بعض هؤلاء العلماء الذين ظهروا في البصرة قد قدموا من المدينة مثل الحسن وابن سيرين، وإجمالاً لم يمض عصر الصحابة إلا وقد تكامل في البصرة وجود جمع من علماء التابعين الذين كان لهم دور رئيس في تطور الحركة الفقهية في البصرة، وفي الإسهام مع غيرهم من علماء التابعين في متابعة البحث والرواية والاجتهاد وإثراء الفقه الإسلامي بآرائهم العلمية، وقد تناول الكاتب سير فقهاء البصرة في مرحلتين، أولاهما تمتد من نهاية العقد السادس من القرن الأول إلى مطلع القرن الثاني الهجري برز في أثنائها في البصرة فقهاء منهم جابر بن زيد الأسدي، والحسن بن يسار البصري، وابن سيرين، وأخراهما تمتد من أواخر القرن الأول حتى نهاية الثلث الأول من القرن الثاني الهجريين ونهاية العهد الأموي، وهي مرحلة مهمة لأنها تمثل حلقة اتصال بين عصرين: عصر التابعين الكبار، وعصر أئمة المذاهب، وقد برز في البصرة في أثنائها إياس بن معاوية، وقتادة بن دعامة السدوسي، وأيوب بن كيسان السختياني، وقد بيّن الكاتب أدوار هؤلاء الفقهاء في الحركة الفقهية في البصرة في الفترة المدروسة واتجاهاتهم، وخلص إلى أن أكثريتهم قد اهتموا بالرواية وحفظها والإفتاء بموجبها.
|