تناول الكاتب أصالة التراث العلمي عند العرب، وبيان مسيرته منذ منتصف القرن الثاني الهجري إلى منتصف القرن السابع الهجري، وهذه الفترة في حياة الغرب قد عرفت بالعصور الوسطى التي كانت عصور الظلام فيه، وفي مستهل هذه الفترة نقل إلى اللغة العربية تراث الأمم المتحضرة القديمة من اليونان والفرس وغيرهم، وتلاها حركة إنتاج علمي خصب تميز بالأصالة والابتكار، وأقرَّ بذلك عدد من المستشرقين مثل (إدوار سخاو)، و(جورج سارتون). وقد قدّر الإسلام العلم والعلماء، حيث قال تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )، وقال رسول صلى الله علية وسلم: (يوزن يوم القيامة مداد العلماء بدماء الشهداء). وقد انتشرت المؤسسات العلمية في الدولة الإسلامية، فكانت تنعقد حلقات العلم في أماكن مختلفة شملت المساجد، وقصور الخلفاء والأمراء، ومنازل العلماء، والمكتبات، وعدّ الخلفاء أنفسهم حماة للعلم، وكانت قصورهم ملتقى للعلماء ومراكز للثقافة والمعرفة. وقد اهتم المسلمون بالترجمة التي بلغت غايتها في عصر المأمون، وقد حفظ العرب التراث الإغريقي من خلال ترجمته، ولم يقفوا عند حدّ النقل للتراث العلمي بل استوعبوه ونموه وأثروه وأضافوا إليه حيث كان لهم إسهاماتهم العلمية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، فكانت الحضارة العلمية الإسلامية حلقة اتصال بين الحضارة الإغريقية والحضارة الحديثة. وقد استعرضت جوانب الإبداع في الفكر العربي الإسلامي في العلوم المختلفة كالفيزياء، والأحياء، والطب، والكيمياء، والفلك، والرياضيات. والخلاصة أن العلماء العرب قد نبغوا وأثروا التراث العلمي بما أفاد في تقدم الإنسانية ورقيها.
|