ما يزال الفكر الإستراتيجي العربي يدور في مركزية التهديد الإسرائيلي وشموليته للعالم العربي بأقطاره المختلفة، وتنهض هذه الصياغة الإستراتيجية على أساس موضوعي قوي، دعائمه الوجود الصهيوني العسكري التوسعي وتهديده للقيم الثقافية الجوهرية، والرغبة الإسرائيلية المزمنة في فرض نوع من الهيمنة على المقدرات الاقتصادية والحياتية لهذه الأمة؛ كي لا تقوى فى مواصلة الصراع ضمن اعتبارات الردع، والتحكم في المياه والزوايا الإستراتيجية، ورفض تقديم تنازلات حقيقية لعملية السلام المزعومة التي تترنح بين الحين والآخر على خلفية إستراتيجية الرعب الإسرائيلية " الخوف الأمني "، وهو معيار يشير بحد ذاته إلى ضآلة حجم الشرعية القانونية ومنسوبها للدولة العبرية، ولا ريب أن هذه الاستهلالة تمثل حقائق كامنة في الضمير العربي، تعبر عن نفسها بين الفينة والأخرى كلما دعت الضرورة إلى ذلك الاستدعاء، ومع أن الاستجابات العربية لذلك التحدي الإسرائيلي لم تكن كلها ناجحة أو إيجابية بحسب الظروف الموضوعية لكل مرحلة تاريخية إلا أنه من الواجب مواجهة كل ذلك التحدي والاستعداد له.