تتناول المقالة الإمامين أبي عبدالله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع (150-204هـ)، وأبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (164-241هـ)، وهدف الكاتب منها إلى توضيح معالم سيرة كل منهما، وفقهه، وأصول مذهبه، وأثره، وقد رجع في ترجمته لهما إلى كتب التراجم والفقه التي تناولتهما، واستهل بالحديث عن ازدرهار الحركة الفقهية في أوائل القرن الثاني الهجري، وبحث في العوامل التي أدّت إلى ذلك بما فيها عناية الخلفاء بالفقه والفقهاء، واتساع رقعة الدولة الإسلامية وتدوين السنة وظهور المجتهدين الكبار، ومنهما الإمامان الشافعي وأحمد، وقد ذكر أن أحمد تتلمذ على الشافعي وأخذ عنه العلم، ثم تناول على نحو مفصَّل سيرة الإمام الشافعي، فأشار إلى أنه ولد في غزّة، وظهر ذكاؤه في وقت مبكر، وحفظ القرآن، وذهب إلى البادية ولازم هذيلاً ليأخذ العربية من معدنها، وطلب العلم في مكة، وفي المدينة، وحضر مجلس الإمام مالك وتفقه عليه، والتقى في اليمن بعمر بن أبي سلمة صاحب الإمام الأوزاعي، وأخذ عنه فقه شيخه، والتقى في العراق محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، وقرأ كتبه ونقل عنه، ثم عاد إلى مكة، وبذا اجتمع له فقه الحجاز الذي يغلب عليه النقل، وفقه العراق الذي يغلب عليه العقل، وفي سنة 199هـ ارتحل إلى مصر واستقر فيها وظل يدرس ويفتي ويصنف فيها حتى وافاه الأجل سنة 204هـ، وعمره 54 عامًا، ثم تحدث الكاتب عن فقه الشافعي وكتبه، فأشار إلى أن أصول مذهبه هي الكتاب، والسنّة إذا ثبتت، ثم الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنّة، ثم أن يقول أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام قولاً ولا يعلم له مخالفًا منهم، ثم القياس، وكان يشترط صحة سند الحديث لقبوله، وأنكر الاستدلال بالاستحسان، وقد انتشر مذهبه في بلاد كثيرة، ثم تناول الكاتب سيرة الإمام أحمد بن حنبل، ومولده، ونشأته في بغداد في بيت دين وعلم، وذكر أن بغداد كانت مهدًا للعلوم المختلفة الشرعية واللغوية والعقلية، وقد أخذ عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وأخذ الحديث عن أئمة الحديث في زمانه، وحفظ السنة وكان عالمًا محيطًا بها، وقد احتوى سنده على أكثر من أربعين ألف حديث، وأخذ العلم عن علماء الحجاز واليمن كذلك، ثم تحدث الكاتب عن فقهه وأصول مذهبه الخمسة وهي الكتاب، والسنة، وفتاوى الصحابة أو الاختيار منها، والأخذ بالحديث الضعيف والمرسل، والقياس
|