تناولت الدراسة معاهدة البقط بين بلاد النوبة والمسلمين بقيادة عبدالله بن أبي السرح، واستمرت المعاهدة التي نظمت العلاقة بين مصر وبلاد النوبة منذ توقيعها سنة 31هـ/651م حتى سنة 723هـ/1323م، وقد أفرزت كثيرًا من المؤثرات الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية على بلاد النوبة. والبقط بالمعنى الاصطلاحي في هذه الدراسة هو ما يقبض من سبي النوبة في كل عام، ويجعل لمصر ضريبة عنهم. وقد عُرضت نصوص المعاهدة عند أربعة مؤرخين تناولوا نصوصًا من المعاهدة في كتاباتهم وهم: عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحكم المتوفى سنة 257هـ، وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري المتوفى سنة 279هـ، وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310هـ، وأبو الحسن علي بن الحسين بن علي الحسين المسعودي المتوفى سنة 346هـ. وبعد موازنة ما استخلصه كل من المؤرخين الأربعة، خرج الباحث بعدد من النقاط التي شكلت صورة قريبة للمبادئ العامة للمعاهدة المدروسة وهي : إنّ ما تم التوصل إليه بين الطرفين هو صلح أو عهد أمان، وإن على النوبة دفع عدد من الرؤوس يتراوح بين 300- 400 رأس من السبي لولاة المسلمين في مصر، وعلى المسلمين تقديم الطعام للنوبة من القمح والعدس إضافة إلى الفرش والكسوة كل عام، وإذا أخذ ما رواه المقريزي في الحسبان فإن من الممكن إضافة المواد الآتية إلى مضمون المعاهدة : أن يحفظ النوبيون المسجد الذي ابتناه المسلمون في دنقلة ولا يمنعون منه مصليًا، وأن يردوا إلى والي مصر كل مسلم منشق أو ذمي خارج على طاعة المسلمين، والمحافظة على استمرار التجارة بين مصر والنوبة. وأما مكان تبادل البقط فهو مدينة القصر. وفي عهد ملك النوبة كنز الدولة أخذ النوبيون يعتنقون الإسلام تدريجيًا، فتم إعفاؤهم رسميًا من دفع البقط للسلطنة المملوكة، وغدت بلاد النوبة تعامل رسميًا بوصفها إقليمًا إسلاميًا.
|