سعت فرنسا إلى منافسة المصالح البريطانية والإيطالية في الجزيرة العربية، وإلى الهيمنة على أجزاء مترامية الأطراف من المنطقة العربية؛ لذلك عملت على مراقبة شؤون الحجاز بتعيين بعثة دبلوماسية فرنسية في جدة منذ عام 1241هـ (1825م)؛ ليتسنى لها متابعة كل ما يجري في الجزيرة العربية، ولترعى شؤون رعاياها من المسلمين الذين يقصدون البقاع المقدسة بأعداد كبيرة خلال مواسم الحج، لا سيما وأنها كانت تروج لنفسها بأنها "القوة الإسلامية العظمى"؛ وقد ازداد ذلك الاهتمام بعد نجاح قوات الملك عبدالعزيز آل سعود في الدخول إلى مكة المكرمة يوم 7 جمادى الأولى 1343هـ، الموافق 2 ديسمبر 1924م، ثم دخول جدة يوم 8 جمادى الآخرة 1344هـ، الموافق 24 ديسمبر 1925م، حيث رأت فرنسا أن جهود الملك عبدالعزيز آل سعود لتوحيد الجزيرة العربية لا تمثل حدثًا محليًا فحسب، وإنما تشير إلى وجود قوةٍ سياسيةٍ عازمةٍ على تلمس طريقها نحو توحيد معظم المناطق بالجزيرة العربية؛ لذلك سارعت للاتصال به، وإلى عقد معاهدات واتفاقات معه، كما راجعت أهدافها في المشرق العربي، ووضعت خططًا إستراتيجيةً جديدةً لسياسةٍ فرنسيةٍ جديدةٍ خاصةٍ بالجزيرة العربية.
|