تتبع الكاتب العلاقات التاريخية بين منطقة الخليج العربي والمغرب الأقصى، وهدف إلى كشف طبيعة تلك العلاقات وآثارها، وقد رجع في بحثه للمصادر التاريخية ومصادر الأدب الجغرافي المتصلة بمنطقتي الدراسة. وبدأ بإيضاح دور العرب الكنعانيين أي الفينيقيين الذين استقروا مدة من الزمن في شواطئ الخليج قبل أن ينتقلوا إلى الساحل السوري منذ نحو خمسة آلاف عام. وقد ذكر أنهم وسعوا شبكة مستعمراتهم على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وأسسوا مالقة، وقادس (بالأندلس)، وهبو (عناية أو بنزرت)، ووصلوا سواحل المحيط الأطلسي وفق نتائج دراسات حفريات أجريت على طول سواحل المحيط الأطلسي. وقد أصبحت اللغة البونيقية المستمدة من الكنعانية العربية مع عناصرها المحلية لغة أشبه بعامية أفريقيا الشمالية في العصر الحاضر. وقد ذكر الرحالة المغربي الحسن بن محمد الوزان أن الفينيقيين عنصر مهم في سكان أفريقيا الأقدمين، إذ بدؤوا في الوفود إلى شمال أفريقيا منذ 1215ق.م، ثم تتابعت موجاتهم في عهد داود ــ عليه السلام ــ عام 1055ق.م، وأوضح الكاتب أن وجود العرب تجاوز شمال أفريقيا إلى الهضاب والبطاح في جنوبها، وقد أكدت الدراسات الأثرية ذلك. ثم تناول ما سجله ابن خلدون عن عروبة جبال الأطلس الغربية، وما أورده المؤرخون والنسابون أمثال الطبري والمسعودي وابن الكلبي من أن صنهاجة (سكان الأطلس الأوسط)، ومصمودة (سكان الأطلس الكبير)، وكتامة (سكان شمال وشرق المغرب الأقصى) عرب يمنيون من سلالة حميَر، أي أن البربر انتقلوا إليها أصلاً من سواحل الشام، ويدعم هذه الفرضية آراء من درسوا التراث والمظاهر المعمارية في الأطلس والجنوب العربي. ثم تناول الكاتب العلاقات بين المنطقتين من خلال التجارة ورحلات الحج، وما نتج عن كل هذه العلاقات والأنشطة بين المنطقتين خاصة في العصر الإسلامي من تراث عربي إسلامي يشير إلى الوحدة الأصيلة المتغلغلة بين الخليج العربي والمغرب العربي.
|