تناولت المقالة الإصلاحات المملوكية في الحجاز ومظاهرها، وقد رجع الكاتب لمصادر تاريخ المماليك، وتاريخ البلاد المقدسة. وقد أوضح أن صلاح الدين يوسف بن أيوب مؤسس الدولة الأيوبية سنة 567هـ/1171م قد استكثر من المماليك، وتبعه في ذلك أخوه العادل ومن جاء بعده، وكان معظم هؤلاء المماليك من الترك الذين ينتمون إلى شبه جزيرة القرم وبلاد القوقاز وفارس والتركستان وبلاد ما وراء النهر، إلى جانب المماليك الجراكسة. وكانوا يدربون على الفروسية وفنون القتال، وصار لهم شأن كبير في مجال الحرب والقتال، وهذه الظاهرة ميزت دولتهم في حقل الجهاد والدفاع عن الإسلام وديار المسلمين ضد التتار والصليبيين. وقد حرص المماليك على تقديم يد العون لحماية المسلمين والتيسير عليهم لأداء فريضة الحج. وتتجلى مظاهر اهتمامهم بأمور الحجاج في تنظيم قيام ركب الحج من مصر وفق مراسم خاصة، فضلاً عن القيام بعمل الإصلاحات وإقامة المنشآت على امتداد الطريق إلى الأراضي الحجازية وتوفير الأمن للحجيج، وحفر الآبار لتوفير الماء، والعناية بالأسواق، وشملت الإصلاحات الحرم المكي والحرم النبوي، وتخصيص الأوقاف للإنفاق على القائمين على أمور الحرمين. كما أصلحوا آبار المياه بين القاهرة ومكة المكرمة، واهتموا بالكعبة المشرفة، وعمل الناصر محمد بن قلاوون سنة 733هـ بابًا للكعبة من خشب السنط الأحمر المصفح بالفضة، وحرصوا على إرسال الكسوة إلى الكعبة المشرفة في كل عام، وحرص السلطان بيبرس على عمارة الحرم النبوي، وتقديم العون للفقراء، وأغدق العطايا على أهل مكة والمدينة وأشرافها كما حظيت الحياة الثقافية بالحجاز بعنايتهم فقاموا بتشجيع العلماء وخصصوا الأوقاف للإنفاق على القائمين على أمور الثقافة والعلوم الإسلامية
|