درست الكاتبة اللهجات العربية، وترمي إلى توضيح العلاقات بين هذه اللهجات، وبيان وحدة النطق لدى الشعوب العربية، والصواب اللغوي عند العرب القُدامى وفصاحة قبائلهم، وقد رجعت إلى كتابات النحاة العرب والمقالات والدراسات الحديثة عن الأدب واللهجات العربية، واستهلت مقالتها بالحديث عن اللغة واللهجة، والخلط الذي وقع فيه الأقدمون بينهما، حيث أطلقوا لفظ اللغة من حيث أرادوا اللهجة، وذلك موجود في المعاجم العربية وبعض الروايات الأدبية، وقد أدى عدم التفرقة بين اللغة واللهجة إلى اللبس، ويعزّز ذلك ما ورد لنا من قول أبي الطيب اللغوي في مراتب النحويين عند تعرضه لنشأة الإبدال بقوله أنه "ليس المراد من الإبدال أن يتعمد العرب تعويض حرف من حرف، وإنما هي لغات مختلفة لمعانٍ متفقة تتقارب اللفظتان والمعنى واحد"، كما أن العرب الأقدمين قد أطلقوا لفظ اللحن على اللهجة. ويختلف العلماء في تعريف اللغة ذاتها، فمنهم من يعرفهم على أنها رموز صوتية منظمة للتعبير عن الأفكار ونقلها من شخص إلى آخر، ويعرفها بعضهم على أنها وسيلة اتصال، وأداة مساعدة على التفكير والتسجيل والاسترجاع، وعرفها علماء الاجتماع أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. واللهجة بسكوت الهاء أو فتحها هي قيود صوتية خاصة تلحظ عند أداء الألفاظ في بيئة معينة، فنجد بعض الحروف تنطق مفخمة عند فريق من العرب، ومرققة عند غيرهم، وتُبْدِل قبيلة تميم الهمزة الساكنة مدة من جنس حركة ما قبلها مثل بير وذيب، وترى الكاتبة أن اللهجات ترجع إلى الأصوات وطبيعتها وكيفية صدورها، أو إلى بنية الكلمة ونسجها اللغوي، أو إلى معنى الكلمة مثل كلمة (وثب) فإنه يقصد منها القفز عند الجمهرة، والجلوس عند حمْير، وكلمة (الهجرس) التي يُقصد منها القرد عند أهل الحجاز، والثعلب عند تميم، وتنبه الكاتبة إلى ضرورة بقاء الجوانب اللهجية المتصلة بالمعنى في حدود ضيقة حتى لا تصبح لهجة ما غريبة على أخواتها، مما يؤدي إلى تعذر التفاهم بين أصحاب اللهجات، وناقشت أهم الصفات الصوتية التي تفضي إلى الخلاف بين لهجات اللغة، وعلاقة اللغة باللهجات، والتوزيع الجغرافي للغات واللهجات، وانتهت إلى أن اللهجات في اللغة العربية والواقعة بين الأمم المتعاقبة تبقى لهجات وليست لغات، فالعربية السورية، والعربية الأردنية ، والعربية 0العراقية هي لهجات للغة العربية.
|