تناول الكاتب موضوع الغيرة في شعر مسكين الدارمي الذي طالب بنبذ الشطط في الغيرة على المرأة، وهدف الكاتب إلى تحليل أبعاد الموضوع المدروس في شعر الدارمي. وقد رجع إلى مصادر الشعر العربي، والدراسات التي تناولته بالنقد، وعالجت موقع المرأة فيه. ورأى أن دراسة ظاهرة الغيرة في شعر الدارمي تقود إلى إطلالة على معنى الغيرة عند العرب، ومكانتها في التقاليد العربية وفي الشعر العربي. وبيّن أن حماية المرأة والغيرة عليها حديث مكرر عند الشعراء، ومقرون بالحمية والشجاعة، وربط بعض الشعراء جبن الأعداء بقلة غيرتهم على نسائهم. وأما الغيرة في معناها الخاص المرتبط بالعلاقة المحددة بين الرجل والمرأة فقد صوّرها العشاق معوّق لعلاقاتهم. وقد حلّل الكاتب ظاهرة الغيرة في شعر الدارمي تحليلاً مفصلاً، ودرس شعره وميوله الفنية لاكتشاف البواعث التي جعلته يخالف غيره في معالجة الغيرة في شعره، وكان الدارمي قد طرق فنون الشعر في عصره ما خلا الغزل، ويأتي حديثه عن المرأة لدى تناوله للغيرة وتعبيره عن موقفه منها. وهو لا ينكر أن يكون الرجل غيورًا ولكن في الموضع المناسب للغيرة بحيث لا يسرف في الشك ولا يستبد به الوسواس حتى لا يكون للمبالغة في الغيرة آثار عكسية على سلوك المرأة، كما قد يزعزع تحذيره إياها الثقة في نفسها فتستهوي الميل إلى ما نهيت عنه، ويكون الرجل بذلك قد أغراها بما لم يكن من طباعها. وفي رأي الكاتب أن شعر الدارمي يكشف تحبيذه الغيرة في مواقف، وتقبيحه لها في مواقف أخرى، ومردّ ذلك كله إلى النفس الإنسانية، وهو لا يخالف الأعراف الاجتماعية في الغاية من الغيرة، ولكنه يخالفها في الوسيلة التي تحقق للمرأة الصون والعفة التي هي جوهر القضية، وانتهى الكاتب إلى أن موقف الدارمي وإنشاده الشعر الذي دعا فيه إلى عدم الإفراط في الغيرة جاء انعكاسًا لحياته الزوجية وعلاقته الخاصة بالمرأة التي اقترن بها .
|