يتناول الكاتب الازدهار التجاري في عهد الدولة النورية (541-569هـ/ 1146-1174 م) لتوافر مقوماته من الإنتاج الزراعي والصناعي، وموقع الشام على طرق التجارة الدولية القادمة من شرق آسيا ووسطها التي وصلت إلى الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وهدف إلى عرض نواحي الازدهار التجاري والأسواق التجارية في فترة الدراسة، ورجع لكتب الرحلات وللمصادر التاريخية عن دول المنطقة واقتصادها وتجارتها. وقد استهل ببيان وضع الأسواق التجارية للدولة النورية، وانتشارها في شتى أرجائها، وكانت محط نشاط اقتصادي واجتماعي وسياسي واسع النطاق، وكان هناك أنواع من الأسواق التجارية المحلية والموسمية والسنوية، وقد شهدت الدولة النورية وجود عدد من الأسواق المتخصصة التي لم يكن التجار فيها يغالون في الأسعار، ومع توزيع الأسواق وتباعدها فإن دمشق كانت تموج بالحركة التجارية، واشتملت أسواقها على السلع والبضائع التي تهم العامة والخاصة، وقد ازدهرت الأسواق التجارية للأغنام، والقمح، والدقيق، والمنتجات النحاسية، والحدادة، والقناديل، والفاكهة، والريحان، والطيور، والحبال، واللؤلؤ، والعلب، والسراجة، والقلانس، والغزل والخيوط، وأوردت المصادر التاريخية أوصافًا لأسواق حلب وحمص وحماة ومعرة النعمان والباب، وكانت هناك أسواق مسقوفة في دمشق وحلب، ومن فئات التجار الخزان الذي يقوم بشراء السلعة في حينها جملة في وقت يكثر بائعوها ويقلّ الطالبون لها فيخزنها لحين وقوع الطلب عليها، أما التاجر الركاض فيذهب إلى أماكن إنتاج السلع ويجلبها لبيعها للتجار الآخرين، أما التاجر المجهز فيكون لديه موضع مجهز لقبض البضائع وحفظها إلى أن يجري تسليمها للتاجر المطلوب، وقد تحدث الكاتب عن سوق العطارين، وسوق الوراقين بدمشق لتوضيح طبيعة النشاط الذي كان يجري في الأسواق، وانتهى الكاتب إلى أن الدولة النورية قد دعمت انتعاش الأسواق التجارية، وأن هذا الانتعاش قد تواصل في مرحلة الحروب الصليبية.
|