تناول الكاتب السجع بوصفه ظاهرة لغوية، ونظرة الباقلاني إلى السجع في القرآن الكريم لتوضيح أبعادها، وقد رجع إلى الدراسات حول إعجاز القرآن والدراسات البلاغية. لقد كان السجع في القرآن الكريم من الموضوعات البارزة التي بحثت باهتمام كبير في القرنين الثالث والرابع الهجريين، ووُجِد من آمن بوجود السجع في القرآن الكريم وعدّه من أسباب البلاغة ومميزات الفصاحة في أسلوبه، ووُجد من نزّه كتاب الله عن استخدامه كما فعل محمد بن الطيب الباقلاني المتوفّى سنة ???هـ. وقد عقد الباقلاني في كتابه الموسوم إعجاز القرآن فصلاً عالج فيه السجع وذمّه ونفاه عن القرآن الكريم، مع أن السجع لون من ألوان البديع، وعدّه معاصرو الباقلاني نفسه ميزة بلاغية، والظاهر إجماع الناس على وجوده في القرآن الكريم. وقد تطرقت المقالة إلى تعريف السجع وأنواعه وشروطه، وقد قال ابن الأثير إن السجع هو تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على حرف واحد، وفي تعريف العلوي أنه اتفاق الفواصل في الكلام المنثور في الحرف أو في الوزن أو في مجموعهما، والسجع عند ابن الأثير سجع قصير استخدمت فيه ألفاظ قليلة، مثلاً: ( يا أيها المدثر، قم فأنذر، وربك فكبر...) [سورة المدثر، الآيات:?-?]، والسجع الطويل الذي تكون الأجزاء فيه مؤلفة من ثلاثة ألفاظ وأربعة وخمسة إلى العشرة، مثلاً ( والنجم إذا هوى، ما ضلّ صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى...) [سورة النجم، الآيات:?-?]. وأضاف القزويني نوعًا آخر سماه بالسجع المتوسط، ومثل له بقوله تعالى: ( اقتربت الساعة وانشق القمر، وإن يروا آية يعرضوا، ويقولوا سحر مستمر) [سورة القمر، الآيتان:?-?]، كما أضاف السجع المطرَّف وهو ما تختلف فيه الفاصلتان في الوزن كما في قوله تعالى: ( ما لكم لا ترجون لله وقارا، وقد خلقكم أطوارا) [سورة نوح، الآية: الآيتان 13- 14]، وأما ما تتفق فيه ألفاظ الجملتين أو يتفق أكثرها في الوزن والقافية فقد سماه القزويني الترصيع، كقول الحريري: "فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه". وقد وضع له العلماء الشروط، وناقشوه بوصفه ظاهرة لغوية بلاغية ذات أثر موسيقي مهم. وناقشت المقالة آراء الباقلاني والأشاعرة التي تنفي السجع عن القرآن الكريم، وفرّق أبو الحسن الرماني بين السجع، والفواصل في القرآن الكريم، ورجح الكاتب كون السجع من المحسنات البلاغية، وهو موجود في القرآن الكريم والحديث الشريف. والقول بوجود السجع في القرآن الكريم لا يتنافى مع القول بإعجازه إذا علم بأن السجع الموجود فيه جزء من إعجازه، ولم العرب الإتيان بمثله ولن تستطيع.
|