دراسة للصناعة في اليمن في العصر الأموي، وتناول كاتبها العوامل المؤثرة فيها، وأنواع الصناعات التي كانت قائمة، وقد رجع إلى مصادر تاريخ اليمن والصناعات فيه. ومن حيث العوامل المؤثرة في النشاط الصناعي، فإن اليمن تتمتع بموقع إستراتيجي مهم بإطلالها على بحر العرب من ناحية الجنوب والبحر الأحمر من ناحية الغرب، وكانت تمر بإقليم اليمن شرايين التجارة البحرية العالمية القادمة عبر المحيط الهندي إلى الخليج العربي، أو إلى البحر الأحمر، فضلاً عن ارتباط اليمن بأقاليم الجزيرة العربية الأخرى بشبكة من الطرق البرية، مما ساعدها على استيراد المواد الخام اللازمة للصناعة من ناحية، وتسويق الإنتاج الصناعي من ناحية أخرى. وقد توافرت في اليمن مواد خام كثيرة يحتاجها النشاط الصناعي، كما توافرت فيه الثروة الحيوانية التي دعم توافرها الصناعات الجلدية، وقامت على محاصيله الزراعية وأشجاره الصناعات القطنية والخشبية، وتوافرت فيه الأيدي العاملة من العرب والموالي والرقيق، ومما زاوله بعض العرب من الصناعات صناعة الأسلحة التي كانت عند آل ذي يزن، وساعد استتباب الأمن في معظم فترات الحكم الأموي على ازدهار النشاط الصناعي ونقله عبر الطرق التي كانت تربط اليمن بالأمصار الإسلامية، وتجدر الإشارة إلى تنوع الصناعات اليمنية وجودتها خاصة صناعة المنسوجات، والصناعات الجلدية، والمعدنية مما زاد الطلب عليها في الحجاز والعراق والشام. وكانت صناعة المنسوجات في مقدمة الصناعات في اليمن، وخاصة صناعة العمائم الحمراء والبرود اليمانية في العصر الأموي علاوة على الحلل والعصب اليمانية، وكانت الأردية والربط والثياب العدنية من أجود المنسوجات، كما ازدهرت الصناعات الخشبية المنزلية وكذلك صناعة أدوات القتال من رماح وسهام ونبال وأقواس من أشجار الشوحط والنبع، وكذلك صناعة الأواني الفخارية، وإجمالاً فإن هذه الصناعات جميعها تدل على أن اليمن شاركت الأمصار الإسلامية الأخرى في النشاط الصناعي وتمتعت صناعاتها بالجودة والشهرة.
|