بحث الكاتب الرؤية الإسلامية للأدب منطقًا من مقولتين : أولاهما قرآنية وهي أن الإنسان مستخلف في الأرض وأن الله ــ تعالى ــ مكّنه من خيراتها، وثانيتهما أدبية نقدية متصلة بالتساؤلات التي تطرح حول الكتابة الأدبية في علاقتها بالكاتب وسبب كتابته وكيفيتها. وناقش علاقة هاتين المقولتين بالرؤية الإسلامية للأدب ونقده، ودورهما في بناء هذه الرؤية. وأوضح أن القارئ المسلم المتشبع بالروح الإسلامية على امتداد التاريخ كانت له رؤية إسلامية لما يقرؤه، فيستحسن ما هو مستحسن من الوجهة الإسلامية، ويستقبح ما هو مستقبح من ذات الوجهة، وذلك أسوة بالرسول عليه الصلاة والسلام الذي كان يستنشدالشعر فيستحسن ما هو حسن، ويرفض ما هو قبيح، والمعالم الدينية المرسومة منذ عهد النبوة بارزة واضحة على مرّ الأجيال والعصور، وإن الإنتاج النقدي الذي وصلنا عن أسلافنا العرب المسلمين كان يعتمد رؤيةً إسلامية، وكذلك الأديب إذا كان له رؤية إسلامية فإنه يُخضع لها ما يقوله، ويبدو ذلك واضحًا عند من التزموا بالدفاع عن قضية من قضايا الإسلام من دعوة وجهاد وفتوحات. والأدب الإسلامي المعاصر ينبغي أن يكون امتدادًا لأدبنا الإسلامي الذي ظهر منذ فجر الدعوة الإسلامية، وإن بناء أدب إسلامي معاصر يقتضي إخضاع ما أنتجه أبناء الأمة الإسلامية على امتداد تاريخها للرؤية الإسلامية التي تنطلق من القرآن الكريم والسنة الشريفة، وقد استُشهد بشعر حسان بن ثابت الإسلامي الذي يترجم بوضوح فهمه لمتطلبات الأدب الإسلامي بالنظر إلى مصدر الشعر وموضوعات الشعر وعلاقتها بالمتلقي. وكذلك شعر أبي العتاهية حيث تكشف دراسته عن رؤيته الإسلامية للحياة، تلك الرؤية التي انبثقت منها كل المعاني الزّهدية عنده. وقد جرى تناول قضية شعر المجون في الأدب العربي، ورأى الكاتب أنْ لا علاقة بين أدب المجون في الأدب العربي القديم خاصة في العصر العباسي، وأدب الخلاعة في عصرنا الحاضر، فالأول كان يعبر عن ذاتية الأديب أو من انتهج نهجه مع إدراك لعدم مشروعيته، وكان بداخل الأديب قلب ينبض بسؤر إيماني، بخلاف أدب الخلاعة الصريح في وقتنا الحاضر الذي لا يستحضر صاحبه مراقبة الله تعالى.
|