تناولت الدراسة البيئة التي عاش فيها السيوطي، والتكوين النفسي والفكري الذي شكل شخصيته، وغايته ومنهجه وموقفه من علم المنطق ، وعلم الكلام، وقد رجع الكاتب إلى مؤلفات السيوطي والدراسات التي تناولتها ومراجع التفسير وعلم الكلام والمنطق والفلسفة. واستهل بتوضيح البيئة التي عاش فيها السيوطي وبيّن أنه عاش في القرن التاسع الهجري الذي أفاد من حركة التجديد والإحياء التي قام بها ابن تيمية وابن قيم الجوزية، ومن أشكال ذلك الإحياء الانكفاء على الموروث في مواجهة كل فكر مستورد ليس له أساس في البيئة الإسلامية، وهذا هو ا لذي حمل السيوطي على إيثار منهج الجمع والتدوين بديلاً عن منهج النقد والتمحيص . وكان يحسُّ بالدور الذي اضطلع به في حفظ التراث وتنقيته من شوائب الفكر الوارد والدخيل في نظره، خاصة في مجال العلوم المتصلة بفهم القرآن الكريم كالحديث واللغة . فكان اتجاهه يؤكد أصالة الفكر الإسلامي المرتبط بالفهم الحقيقي للقرآن الكريم والسنة الشريفة. ورأى أنّ القرآن والسنة يغنيان عن كل تطلّع إلى أنماط الفكر الأخرى، وهو اتجاه سلفي؛ وإن التشكيل النفسي والعقلي للإمام السيوطي أملى عليه موقفه من العلوم التي غذيت بها بيئتنا وهي في الأصل غريبة عنها. ومن حيث غاية السيوطي، فإنه كان يسعى بكل جهده إلى إحياء ما اندرس من علوم الإسلام وروحه العامة، فعمل على إنقاذ التراث بتدوينه وتلخيصه ، والإسلام في الحقيقة لا يوصد الباب دون الاستفادة من أية تجربة أو حضارة إنسانية ترقى بها الأمة بشرط ألاّ تكون على حساب أية قيمة من قيمه . وقد رفض السيوطي المنطق، وكان موقفه من علم الكلام امتدادًا لموقف الإمام ابن تيمية وابن قيم الجوزية . والخلاصة أن الأمة الإسلامية بحاجة إلى علماء مثل السيوطي يعملون على إحياء روحها والحفاظ على هويتها بإحياء تراثها .
|