تناولت المقالة الأبعاد الإصلاحية في فكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وهدف الكاتب إلى بحث انعكاس هذه الأبعاد في النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية والتربوية للدولة السعودية، وقد رجع إلى المصادر التاريخية التي تناولت الدولة السعودية والحركة السلفية؛ وقد مهّد لدراسته بوصف أحوال نجد قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، حيث سادت الفتن والمحن والعدوان والاختلاف والبدع بين قبائل العرب، وكانت القبيلة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية، وتغيرت هذه الأوضاع نتيجة اللقاء والعهد والميثاق الذي تم بين أمير الدرعية الإمام محمد بن سعود، والشيخ محمد بن عبدالوهاب عام 1158هـ/ 1745م، فقد غدت الدرعية بعد ذلك عاصمة دينية وسياسية وحربية، وأصبحت الدولة السعودية الأولى مبنية على أحكام الشرع ودستورها القرآن والسنة وما أفتى به الأئمة الأربعة بالإجماع، ووضح الكاتب نظم الحكم والإدارة في الدولة السعودية، فمن حيث النظام السياسي، كان الإمام على رأس الدولة وكان يطلع على الكتب التي تصله من عماله ويرد عليها كاتبه، وكان يستشير خواصه من أصحاب الرأي من أهل الدرعية وأبناء الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأهل العلم ورؤساء القبائل ويصدر أمره في الموضوع الذي أُريد البتّ فيه، وفي وقت الحرب كان حكام الأقاليم يكونون مجلسًا استشاريًا للإمام، وكان الإمام يشرف على شؤون الأمن وينزل العقاب بالمجرمين، فانتشر الأمن بسبب تطبيق أحكام الشرع، وكان يودع مال الزكاة المتبقي في بيت المال ويشرف على مصارفه، كما كان يشرف على شؤون التعليم والدراسة، وكانت ولاية العهد في الدولة السعودية الأولى تسير على نظام وراثي وينوب ولي العهد عن الإمام في غيابه أو مرضه، ولما اتسعت الدولة السعودية كان الإمام يعين على أقاليمها حكامًا يختارهم من المحالفين المؤمنين بمبادئ الدعوة السلفية، وسار القضاء وفقًا لأحكام القرآن والسنة واجتهادات السلف؛ وفي عهد الدولة السعودية الثالثة التي أسسها الملك عبدالعزيز آل سعود ــ رحمه الله ــ كان فكر الدعوة السلفية أحد العوامل المهمة التي مكنته من فتح البلاد وتوحيد أجزائها، وكان الدعاة يعملون على تعليم الناس وإرشادهم في أمور عقيدتهم.
|