دراسة لتاريخ ولاية الحبش الممتدة على الساحل بين سواكن ومصوع، والتي أنشأها العثمانيون بعد أن وطّدوا أقدامهم في ثغري سواكن ومصوع، وقد ربطوا بين هذه الولاية وثغر جدة ووحدوا إدارتها. ويقع ثغر مصوع جنوب سواكن وهو مخرج البحر الأحمر الطبيعي إلى كل الأقاليم الشمالية في الحبشة. وكانت الدولة العثمانية تشرف على الملاحة في البحر الأحمر والبحار المؤدية إليه عن طريق أربع قواعد هي : مصر، ودمشق، وبغداد، وولاية الحبش التي يُراقب منها حركة الأحباش والقوى الأوربية التي تساندهم كما تراقب أيضًا حركة السفن في البحر الأحمر. وفي العقد الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي كان في ولاية الحبش، وفي سواكن بالذات، سلطة عثمانية وسلطة محلية حضرية، وكانت سلطة نائب السلطنة العثمانية تقاس بمدى نفوذه وسيطرته على الميناء وحصيلته من الجمارك. ولما كانت السلطة العثمانية قد شغلت بمشاكلها وسط أوروبا ومع الدولة الصفوية فقد تراخت عن تدعيم قواتها في ولاية الحبش وغيرها من المناطق المسؤولة عن حماية الطرق المؤدية إلى البحر الأحمر، فسعت مصر إلى وضع ولاية الحبش تحت سلطانها ونجحت في ذلك في عهد محمد علي باشا ثم عادت السلطة عليها للعثمانيين سنة 1256هـ/ 1840م، وفي سنة 1262هـ/ 1846م تبعت إدارة جمرك مصوع وسواكن لمصر، وفي سنة 1265هـ/ 1849م تولّت إيالة جدة إدارة المينائين، وفي سنة 1281هـ/ 1865م أُحيلت إدارة سواكن ومصوع إلى الإدارة المصرية على أن يؤدى إيرادهما إلى خزانة جدة، ولكن ما إن أتت سنة 1884م حتى كانت الدول الأوروبية الاستعمارية قد تقاسمت السيطرة على أملاك مصر على البحر الأحمر ومن ضمنها ثغرا مصوع وسواكن. وانتهى الباحث إلى أن الثغرين شهدا إصلاحات كبيرة في المواصلات والعمران وخدمات المياه العذبة واستغلال الموارد الطبيعية واستتباب الأمن إبان الإدارة المصرية.
|