درس الباحث نقشين إسلاميين مؤرخين يرجعان إلى العصر العباسي، وقد كتبا على واجهات صخرية في وادي حجر الذي يحفل بوجود النقوش العربية المبكرة التي تفيد في التعرف على تطور الخط العربي في منطقة المدينة المنورة ومكة المكرمة، وعرف وادي حجر أيضًا بوادي السائرة، ويقع في بلاد الحجاز الشمالية، وتنحدر فروعه من أطراف حرّة خيبر الشمالية. وأول النقشين المدروسين مكتوب بطريقة الحفر الغائر في خمسة أسطر متوازنة، ويحمل سنة 163هـ/779م، أي في عهد الخليفة المهدي العباسي الذي حكم من سنة 158-169هـ، ويتميز النص بسلامة اللغة ووضوح الكتابة وخلوه من الزخرفة واختلاف عدد الكلمات في السطر، ويظهر أن صاحب النقش هو فضل بن سليم، ولا يعرف شيء عنه في المراجع، وقد يكون من قبيلة بني سليم. أما النقش الثاني فقد كتب بالطريقة نفسها سنة 187هـ/802م، أي في عهد هارون الرشيد، ويلحظ أن هذا النقش كسابقه لم يبدأ بالبسملة، واتسم بسلامة اللغة ووضوح الكتابة ورسم الحروف وتوزيع الكلمات في السطور. وخلص الباحث من دراسة النقشين إلى أن أهل الحجاز مارسوا الكتابة كثيرًا، وكتبوا نقوشهم بخطوطهم في وادي حجر الذي كان منطقة زراعية آهلة عامرة في بداية التاريخ الإسلامي، وأن النقشين قد كتبا بالخط المدني المتفرع عن الخط الحجازي، وبمقارنتهما مع نقوش المنطقة المدروسة الأخرى يظهر أنه قد كان هناك نوعان من النقوش: رسمي وغير رسمي، ويفيد تأريخ النقشين في تحديد الفترات التاريخية للنقوش غير المؤرخة في المنطقة المدروسة، وتحديد خصائصها الخطية والفنية.
|