أدت نشأة المملكة التاريخية والسياسية والجغرافية إلى صياغة خطوط متميزة لسياستها الخارجية، واقتضت التركيز بشكل ملحوظ في العــالمين العــربي والإســلامي. وقــد عبر جلالة الملك عبدالعزيــز - رحمه الله - عن خطوط هذه السياسة لأول مرة في وضوح بقوله(1): "أما سياستنا الخارجية فقد أقمنا أسسها على مسالمة جميع الأمم والتعاون معهم على ما فيه إحقاق الحق، ومقاومة الظلم، وحفظ المصالح المتبادلة بالتعاون والإنصاف، فمن والانا على ذلك واليناه، وعرفنا له حقه، وأخلصنا له الصداقة وحسن المعاملة في السر والعلانية، فسياستنا سياسة سلم ومسالمة وصدق ومصادقة. فأما من قابل سلمنا بالعدوان وصداقتنا بالعداء فإنا نستعين الله عليه بحقنا، وندفع عدوانه بما آتانا الله من قوة وهو نعم النصير". وقد عُنِي الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بإبراز خطوط السياسة الخارجية السعودية وتعميقها خاصة في المجالين الإسلامي والعربي، وسار كل من جاء بعده على هذا النهج، بحيث تضمنت بيانات تولي الحكم تكراراً لهذه الخطوط. غير أنه إذا كانت مبادئ السياسة السعودية واضحة وثابتة، فإن أساليب تنفيذ هذه المبادئ قد تطورت وتعددت حسب الظروف، كما تنوعت المتغيرات والمؤثرات في هذه السياسة، مثلما تنوعت أدوات تنفيذها، ودوائر اهتماماتها(2).
|