تابع الكاتب في هذه المقالة دراسته حول القضاء والقضاة في نجد في العهد السعودي، وهدف إلى التعريف بحياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وتقديم دراسة مفصلة عن سير القضاة الذين عاصروه، وقد استهل بعرض مشكلة قلة المعلومات عن سير قضاة نجد في القرون الممتدة من التاسع إلى الثاني عشر للهجرة، لأسباب منها أن عددًا من الكتب والرسائل التي خطتها أيديهم قد تسربت إلى المكتبات الأوروبية بطرق مختلفة، ثم بدأ بعرض سيرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ونزوله في العيينة سنة 1153هـ،ـ وإقامته فيها نحو أربع سنوات، وقد أورد أنها كانت حاضرة نجد الأولى، وكان يقطنها بيتان عريقان: بيت الإمارة من أسرة آل معمر، وبيت العلم والدين والأدب من أسرة آل مشرف التي ينحدر منها الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ولما كان لهذين البيتين من ارتباط وثيق بحياة الشيخ وصلة بقضاة نجد، فقد تحدث عنهما الكاتب بإسهاب، كما تطرق لأحوال العيينة العمرانية، والزراعية، والاجتماعية، والسياسية، وتناول سير الأمراء الذين تعاقبوا على العيينة من آل معمر، وتتبع تاريخ العيينة حتى تفرّق آل معمر واضمحلال العيينة في منتصف القرن الثالث عشر للهجرة، وتحدث عن أسرة آل مشرف، ونسبها، وانتشارها من أشيقر إلى الديار النجدية، وذكر من أفرادها الشيخ عبدالوهاب بن سليمان بن علي بن مشرف والد الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ثم أفاض في الكلام عن سيرة الشيخ، ورحلاته، وشيوخه، وأعماله، حتى رحيله إلى الدرعية، سنة 1157 أو سنة 1158هـ، وكان له فيها أنصار ومؤيدون، وحل ضيفًا على عبدالله بن عبدالرحمن بن سويلم، وابن عمه حمد بن سويلم كما ورد في "عنوان المجد في تاريخ نجد"، ثم حصل اللقاء بينه وبين الإمام محمد بن سعود أمير الدرعية.
|