دراسة نفسية لشعر أبي الطيب المتنبي، جعل فيها الباحث من قول المتنبي أداة لاستكشاف نفسيات الأفراد والمجتمعات التي احتك بها، وقد استهل بعرض وجهة نظر علماء النفس حول الدوافع النفسية الداخلية للتوازن الحيوي، وخصائص السلوك الذي يتميز بالنشاط الحيوي لإشباع هذه الدوافع، وتفاوت درجات الدوافع مما ينتج عنه وجود دوافع أولية أو طبيعية، ودوافع ثانوية أو اجتماعية مكتسبة، وقد أورد أن السيطرة على هذه الانفعالات النفسية متوقفة على عدة أمور، فعلم النفس يتناول كل هذه القضايا؛ ثم تطرق إلى كتابات العرب التي تكشف معرفتهم بأعماق النفس البشرية، واستشهد بما في كتاب "الصناعتين" لتوضيح ذلك؛ ثم أورد انطباعاته عن المتنبي، بوصفه شاعرًا مؤثرًا في وصفه وتعبيره، وحكيمًا يتحكم بالعقل والمنطق فيما يقول، ومحلِّلاً نفسانيًا يعرف طبيعة البشر وسليقتهم، وطرق تحليله الفرد والمحيط والمجتمعات التي عاش بها، ومحلّلاً لذاته هو، وإن بالغ أحيانًا، بيد أن له منهجه في المبالغة، وفي إطار الحكمة والعقل والواقع خاصة، فقد كانت تظهرها على شكل علاج نفسي يشهد لصاحبه بالفهم الثاقب، ثم قارن الكاتب بين ما قاله المتنبي، وبين ما جاء به علماء النفس المعاصرون، فوجد ركائز متعددة مشتركة بين الطرفين متعلقة بما يأتي: الدوافع والرغبات، والسلوك والمعاملات؛ ثم وضح الاعتماد في الماضي على الفراسة الفطرية والسليقة وفهم الطبيعة البشرية في الفحص والعلاج النفسي الاجتماعي، بينما اعتُمد في الوقت الحاضر على الأسس والقواعد العلمية، والمتنبي نموذج للاتجاه الماضي، ولكن الإنسان هو الإنسان في كل زمان ومكان، وفي شعر المتنبي ما ينطق بما في نفسه وخبرته وسلوكياته، وهذا سر بقاء تأثير ذلك الشعر، ثم ساق الكاتب نماذج شعرية من (45) بيتًا توضح ما ذهب إليه حول المتنبي
|