موضوع هذه الدراسة هو التجويد، ويهدف إلى كشف جوانبه اللغوية والصوتية، وقد رجع إلى الكتاب العزيز، ثم مراجع القراءات، والتفسير ومعاجم اللغة، واستخدم للموضوع أيضًا مصطلحي: حسن التلاوة، والتجويد، وبدأ بالتنبيه على أن المراد بحسن الأداء ليس ضربًا من التطريب وإحسان النغمة وإجرائها مجرى الألحان، بل المقصود به الترتيل، عملاً بقوله تعالى: (ورتّل القرآن ترتيلا) ، وقد ذكر أن الزمخشري فسر ترتيل القرآن بأنه قراءته على ترسل وتؤدة بتبيين الحروف وإشباع الحركات حتى يجيء المتلوّ سردًا، ووصفت عائشة رضي الله عنها قراءة رسول اصلى الله عليه وسلم أنه "لو أراد السامع أن يعدّ حروفه لعدّها"، وقال ابن عباس إن معنى: (ورتل القرآن ترتيلاً) أي بيّنه تبيينًا، وقال أبو إسحاق والتبيين لا يتم بأن يعجل في القراءة، وإنما يتم بأن يُتبين جميع الحروف ويوفيها حقها من الإشباع، واستخلص الكاتب مما سبق أن التجويد هو إحسان لإخراج الكلم مخرجًا حسنًا، ومن هنا كانت التلاوة قراءة حسنة، وهذا يعني أن بين التلاوة لكلام الله والقراءة المجردة لنص ما صلة يمثِّلها حسن الأداء، ثم تناول الكاتب مقومات حسن الأداء في التجويد التي منها أن يعرف المجوِّد مادة الوقف، وأن يحسن كيف ينتهي ثم كيف يبتدئ، وأورد ما قاله ابن الأنباري من أن تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء، وقد اهتم المتقدمون من علماء اللغة بمادة الوقف والابتداء فأشاروا إلى أنماط الوقف في القرآن إشارات دقيقة دلت على مبلغ عنايتهم بأداء كلام الله جلّ شأنه، وقسموه إلى: وقف تام، وحسن، وقبيح، ثم أشار الكاتب إلى انحراف أهل القراءات إلى التطريب بل قل الغناء، وأهمية فهم حسن الأداء تعني إجادة التلاوة والترتيل، وتشتمل على الإبانة، ومن هنا نصل إلى درجات البلاغة، وإلى معرفة العربية صرفًا ونحوًا وأبنية وأصواتًا، وفهم مقتضى الحال .
|