تناول الباحث واقع الأدب في تهامة، ومدى أثر المتنزهات الريفية في نشاطه ونهضته في غضون النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري عندما تهيأت الأسباب لذلك بوجود الأسر العلمية، ونمو التعليم، والوضع السياسي المستقر، ورعاية الأدباء خاصة في عهد الحسين بن علي بن حيدر (1215-1273هـ) الذي نشأ في عهده شيء من أدب الرحلات والمتنزهات الريفية، حيث وجد الأدباء في أنفسهم الرغبة في التنزه في الريف والمشاركة في المناظرات، والمحاورات الشعرية، وإنشاء المقامات، وأبرز من المتنزهات ما وجد في بلدتي ضمد وزبيد جنوبي الجزيرة العربية، وقد رجع في معالجة الموضوع إلى المصادر التاريخية والأدبية والتراجم المتصلة به يضاف إليها المقابلات والمراسلات مع بعض العلماء. وقد استُهلت المقالة بوصف ضمد لكونها مركزًا من مراكز الأدب والفكر بالمخلاف السليماني بتهامة يقصدها رجال العلم والأدب. وكان من أشهر متنزهات وادي ضمد متنزه قرية الخيمة الذي عرف بالقُمْري، وقد شد الكثير من الأدباء لزيارته وطرح عطائهم فيه في مجالات الشعر والمقامات والخطب. وحرص المؤرخون والأدباء على جمع الآثار الأدبية للأنشطة التي كانت تدور في رحاب المتنزهات، ومن أبرز المؤرخين عبدالله بن علي العمودي (1299-1398هـ). ثم وضِّحت منزلة مدينة زبيد بوصفها مركزًا من المراكز الفكرية الشهيرة في جزيرة العرب وقد عرفت بأسرها العلمية وحلقاتها التعليمية وأربطتها ومكتباتها، وكان الشريف الحسين بن علي بن حيدر يخرج إلى متنزهات زبيد، وارتبط بخروجه مظاهر أدبية، حيث كان يصحبه الأدباء والأعيان من أهل تهامة. وقد رصد الآثار الأدبية لتلك الرحلة القاضي الأديب محمد بن علي العمراني (1194-1264هـ) في كتابيه: تقريظ عقد الجمان، ولهجة المستكن بالوطن بأخبار من رحل في طلب المعالي وظعن. ومن متنزهات زبيد المغرس، والنخيل. وقد نالت المشاركة الأدبية في ميدان النثر استحسان الأدباء المعاصرين فقرظوها وأثنوا عليها، وتعكس الظاهرة المدروسة قوة الترابط الاجتماعي بين الأدباء.
|