تناولت المقالة ظاهرة اللحن في اللغة العربية لبيان تاريخ ظهورها، والمبادرات إلى معالجتها، وقد رجع فيها لمصادر اللغة العربية ولهجاتها ونحوها. لقد اتسع نطاق الفتوحات الإسلامية ونشأت في القرن السابع الميلادي دولة عربية إسلامية عظيمة، وقد انتشرت اللغة العربية خارج حدود شبه الجزيرة العربية محمولة بالإسلام وحاملة للقرآن الكريم وعلومه وثقافته، واختلط العرب بغيرهم من الأمم التي دخلت الإسلام من فرس، وروم، وأقباط وسعى هؤلاء لتعلّم العربية، وتسرَّب اللحن إليها، وإن أول ما ظهر من اللحن كان عند قوم طارئين على العرب من الموالي والمتعرَّبين من الفرس والترك، وكان خطر الترك على اللغة العربية أشد من خطر الفرس وغيرهم، بسبب وصولهم لمراكز الحكم ومقاليد الأمور في العصر العباسي ولاعتزازهم بلغتهم وأصولهم، وكانت لهم عجمة يخاطبون بها الناس في كل يوم حتى تأثر بهم المجتمع. ومنذ القرن الخامس الهجري، أو منذ عصر الدويلات، بدأ في المشرق الإسلامي استعمال الفارسية، كما دخل كثير من الألفاظ التركية من قبل، وحفلت بها اللغة العربية، وكانت لغة تخاطب الخاصة من الخلفاء والرؤساء والعلماء في المشرق وسطًا بين الفصيحة واللهجيّة المعاصرة، أما لغات تخاطب العامة فكانت هي اللغات الأعجمية الوطنية في شتى الأرجاء وأهمها الفارسية، ودبّ عياء الألسن في الحواضر العربية، وما بقي من ولايات العرب سوى منطقة (تهامة) التي ظلّت حتَّى أوائل القرن السادس الهجري تستخدم الفصحى في لغتها اليومية، بل أن شبه الجزيرة العربية نفسها ظلت السيادة فيها بين البدو للغة الفصيحة إلى أواخر القرن الرابع وبداية القرن الخامس الهجريين، أما في الحواضر مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة فقد تسرّب إليها فساد اللسان من جرّاء الاختلاط بالأعاجم خاصة في موسم الحج. وشاع في ممالك المغرب اللهجات منذ العصر العباسي الثاني. وعلى وجه الإجمال قوي اللحن في العصر العباسي مما كان له أثره في انتشار اللهجات العامية الجغرافية وظهور الشعر اللهجي. ويُلاحظ تطوّر اللهجات العربية في معزل عن بعضها في وقتنا الحاضر مما يباعد الشقة بينها. ويدعو الكاتب إلى إصلاح الوضع والاتجاه باللهجات العربية المعاصرة نحو الفصحى .
|