قدِّم أصل هذا البحث بالإنجليزية في ندوة بشأن دراسات الشرق الأوسط انعقدت في لندن، وموضوعه العرب، وغاية الباحث استعراض أحوال العرب قبل الإسلام وبعده، ووضع الأمة العربية في عصور التاريخ، ووحدتها، وحضارتها، وأخلاقياتها. وقد رجع لمصادر تخص الحضارة العربية، والوطن العربي، والإسلام. واستهل تناوله بالكلام عن الاستشراق والمستشرقين، وما قدموه من خدمة لنشر التاريخ والتراث الإسلامي، وتطرق إلى ما قدمته الأمة العربية الإسلامية وحضارتها إلى حضارة العالم، ثم تناول حالة العرب، وشبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وتعرّض للدراسات التي تناولتها وبحثت في الحضارات والدول التي وجدت على أرض شبه الجزيرة العربية، وفي بادية الشام وبلاد ما بين النهرين، والأجناس البشرية المتعددة التي عمرتها قبل ظهور الإسلام، ثم تعرض للأنساب العربية، وما جرى عليه النسابون من تصنيف العرب إلى عرب الشمال وهم نسل إسماعيل بن إبراهيم، وعرب الجنوب وهم من نسل قحطان. وذكر أن القسم الجنوبي كان يعيش عيشة استقرار ويغلب عليه التحضر، أما أهل الشمال فكانت تغلب عليهم البداوة والبعد عن الاستقرار، ثم إنهم كانوا مختلفين في اللهجات، فكانت لغة اليمن تخالف لغة الحجاز، فاللغة اليمنية أكثر اتصالاً باللغة الحبشية والأكادية، ولغة الحجاز أكثر اتصالاً باللغة النبطية، بل إنهم كانوا مختلفين في مستوى الثقافة تبعًا لما هم عليه من عيشة بدوية أو حضرية، وللاختلافات اللهجية وفي الاتصالات بالأمم الأخرى. ثم تناول الحياة الدينية للعرب قديمًا، وأحوالهم بعد الإسلام، وأنهم كانوا أول من حمله، ثم حملته الشعوب الأخرى التي أسلمت فكانت عربية الوجدان بلغة القرآن وتعاليمه، مسلمة الإيمان. وذكر أن العرب انطلقوا بفتوحاتهم يخلصون البلاد مما تعانيه من ظلم وتخلف، فحين فتحت البلاد انفتح قلب ساكنها للإسلام، وأسهم في تكوين وحدة الأمة العربية الإسلامية في هذه البلاد، وحدة الأرض ووحدة اللغة. ثم تطرّق لما أسماه بالانعزالية التي تنساق إليها شعوب الأمة العربية حيث كل شعب يؤرخ لنفسه، ولكن يبقى التاريخ العام واحدًا، والأمة واحدة .
|