تناولت المقالة القضاء في الإسلام وهدف كاتبها إلى توضيح دلالات القضاء والحكم في معاجم اللغة، وفي القرآن الكريم، والسنة، وقد رجع إلى كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب آداب القضاء؛ واستهل بمعالجة معاني القضاء والحكم في معجم "لسان العرب" لابن منظور الذي أورد بأن الحاكم هو القاضي، والحكم يعني العلم، والفقه، والقضاء بالعدل، وهو مصدر (حكم)، و(حكم) تأتي بمعنى (منع)، ومن هنا قيل لمن يحكم بين الناس: حاكمًا، لأنه يمنع الظالم عن الظلم، وقال الأزهري: إن الحكم هو القضاء بالعدل؛ أما إذا قضى القاضي بين الخصوم فإنه يعني: قطع بينهم في الحكم؛ وهذا يعني أن القضاء قد يكون بالعدل وبالظلم، أما الحكم فلا يكون إلا بالعدل، فتلك كانت وجهة نظر علماء اللغة. أما في القرآن فقد وجد الكاتب أن مواضع التشريع والأمر والنهي إنما وردت في مادة (حكم) ومشتقاتها، وما وردت في مادة (قضى) إلا في آية واحدة: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا ) [سورة النساء، الآية: 65]، وهي موجهة إلى الرسول، ووضعت قاعدة أصيلة في تنظيم القضاء، هي إلزام المتقاضين بحكم القاضي؛ وورد في القرآن الكريم: ( والله يقضي بالحق )، [سورة غافر، الآية: 20]، أما لفظ "حكم" ومشتقاته فقد جاء فيه الأمر بالعدل والحق في مواضع كثيرة، مثلا: ( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا) [سورة النساء، الآية: 105]، ومما سبق، يستنتج الكاتب أن ما ذهب إليه أصحاب المعاجم من أن القضاء يفيد قطع الخصومة، وأن الحكم هو القضاء بالعدل ليس صحيحًا، وليس له مستند من القرآن، وقول الله تعالى: ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) [سورة النساء، الآية: 58] يفيد أن الحكم قد يكون بالعدل، وقد يكون بغير العدل، ثم وقف الكاتب عند لفظي (القضاء والحكم) في السنة في مواضع لها دلالات مهمة منها: خطورة القضاء، والترهيب من الاجتراء، وأجر المجتهد، واشتمال الأحاديث على الكثير من أصول المحاكمات، أو من ضوامن العدل.
|