الجدل الدائر اليوم - سواء في الولايات المتحدة أو في المنطقة - حول الانسحاب من العراق وآثاره المحتملة على العراق والخليج العربي، يعبر بشكل غير مباشر عن قلق دائم تشعر به الأطراف المعنية بالخليج؛ سببه الخاصية المتناقضة لهذه المنطقة فهي تجمع بين ثروات نفطية ضخمة من جهة، وضعف واضح في الإمكانات الذاتية لدولها مقارنة بدول مجاورة أو قوى دولية لا تخفي طموحاتها للنفوذ والهيمنة من جهة أخرى. هذه الحالة ليست جديدة، والجدل الحالي يذَكر بحالة تكاد تكون مشابهة هي موضوع الكتاب الذي بين أيدينا، ونقصد بذلك الانسحاب البريطاني من الخليج العربي عام 1971م (1391هـ) والآثار الكبيرة المترتبة عليه، وانعكاساتها على الترتيبات الأمنية حتى يومنا هذا. وكما تأكد من تلك التجربة فإن أجهزة ما بعد الانسحاب مسألة في غاية الأهمية، تتطلب من دول الخليج العربية الحرص على المشاركة في صياغتها، وعدم ترك دول الجوار تنفرد بهذه المهمة الإستراتيجية.
|