تناولت الدراسة ما قدمه علماء المسلمون في علم الخرائط ورسمها، وهدف كاتبها إلى تغطية أعمالهم في مجال إعداد خرائط مصورات الأرض، والبحار، والأقاليم، والبلدان، والعالم، وقد رجع إلى مصادر الأدب الجغرافي الإسلامي، والكتابات عنه، يضاف إلى ذلك معجمات البلدان، والألفاظ، والتراجم، ومهّد لدراسته باستعراض تطور الفكر الجغرافي من عهد الفينيقيين المشهورين بمعرفتهم للبحار وبأسفارهم، مرورًا بكتابات اليونان الجغرافية، وإسهامات الرومان من خلال اهتماماتهم بطرق التجارة وقوافلها والأمم المتصلة بها، ثم تناول الجغرافيا عند العرب بادئًا بالتنوية بقيمة الشعر بوصفه المادة الأولى لعلم تقويم البلدان بسبب اشتماله على الكثير من أسماء الأماكن، والمعالم، والروضات، والمنتجعات، والمراعي، والجبال، والأودية، والغدران، وموارد المياه، والبلدان، كما توضح الشواهد التي ساقها من أشعار الأعشى، وامرئ القيس، وزهير بن أبي سلمى، وعنترة، وتطرق أيضًا إلى أثر الحج والزيارة، والمغازي والفتوح، وكذلك دور التجارة والأسواق في تطوير المعرفة الجغرافية، ثم تناول جهود التأليف والترجمة التي أنجزها العلماء المسلمون من أمثال محمد بن إبراهيم الفزاري الذي كان له مؤلفات قيمة ككتاب الزيج، والمقياس للزوال، والاضطراب المسطح، وأرجوزة في علم النجوم، وتطرق إلى عناية الخليفة المأمون بالعلوم، وما أُنجز في عهده من رسم أول الخرائط على مستوى العالم التي عرفت بالخرائط المأمونية، وإلى محمد بن موسى الخوارزمي صاحب كتاب "صور الأرض"، وإلى أبي عبدا$ محمد بن جابر البتاني صاحب كتاب "الزيج الصابي" المشتمل على خرائط (94) بلدًا وجداول لأطوال الأرض وعرضها وبيانات عن آلات الرصد، وقد عاصر البتاني أحمد بن سهم المعروف بأبي زيد البلخي صاحب كتاب "صور الأقاليم" الغني بالمصورات والخرائط للعالم، والجزيرة العربية، والخليج العربي، والبحر الأبيض المتوسط (بحر الروم)، والمغرب، ومصر، والشام بالإضافة الى (14)خريطة لأقطار من أواسط العالم الإسلامي وشرقه، ثم تطرق الكاتب إلى أعمال عبدالله بن خرداذبه صاحب "المسالك والممالك"، وإبراهيم الاصطخري وله كتاب بالعنوان نفسه، وأبي القاسم محمد بن حوقل، والحسن بن أحمد الهمداني، ومحمد بن أحمد المقدسي، وأبي عبدالله الإدريسي، وابن سعيد الأندلسي، مما يوضح تطور الفكر الجغرافي الإسلامي وثرائه.
|