تتناول المقالة سيرة الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله -، ودوره العربي القيادي. إن العرب أمة مرت بكل أدوار النشوء والارتقاء والانحدار، وعظمتها في الإنجازات العظيمة التي صنعت تاريخًا حافلاً في الماضي، أما في العصر الحديث فيبرز لها إنجازان متميزان: أحدهما توحيد الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله -، وثانيهما ما حققه الفيصل في ستينات القرن العشرين من التغلب على التيارات والقوى التي اجتاحت العالم العربي فنقل العرب من طور التفكك إلى التضامن والعمل المشترك، وهنا يستطيع المتتبع لسير الأحداث والتطورات في الشرق الأوسط خلال ربع القرن الأخير أن يدرك الدور الريادي للمملكة العربية السعودية على مستوى رسالة الأمة العربية، والقضية العربية الكبرى التي عايشها الفيصل منذ ظهورها، ألا وهي قضية فلسطين، وكان الفيصل محيطًا بأبعاد خطر الغزو الصهيوني على الشرق، وخطر التيارات الهدامة التي ساعدت الصهيونية على ترسيخ أقدامها في فلسطين، ولقد ثبت أن ما تحقق في سبعينات هذا القرن للمرة الأولى في التاريخ الحديث من انتصارات سياسية ومعنوية وصمود كان الفضل فيها لسلاح الإخاء والتضامن، ومعه سلاح البترول بقيادة الملك الحكيم، ويرى الكاتب أن ما نلحظه اليوم من تحولات عززت مكانة العرب يعدّ من معطيات الانتقالية العربية المتحركة بالقوى الروحية والفكرية والتاريخية في قلب الجزيرة العربية، وقد فرضت هذه الانتقالية وجودها كقوة سياسية وقوة اقتصادية لها وزنها في المجتمع الدولي، إن الحوار السياسي على المستوى الرفيع المقترن بالمعرفة والحكمة والقدرة في التوجيه والإقناع هو السلاح الذي يصحح النظريات والأحكام الخاطئة، ويضمن استمرار الروابط بين الشعوب ويعززها، ذلك السلاح هو الذي استخدمه الفيصل في حواره مع دول العالم الغربي، حيث توصل إلى إقناع فرنسا أولاً ثم المجموعة الأوروبية وأمريكا بصواب فكرته بأن مصالح العالم الغربي مع العالم العربي حيوية، والعرب لا يطلبون من أوروبا وأمريكا سوى دعم الحق، وبالتالي مساندة إعادة حقوق العرب وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم المحتلة. لقد كان الفيصل رائدًا للحوار البنّاء مع العالم الغربي، ونجاح استراتيجيته في تعامله معه يعكس بعد نظره وحكمته
|