تناولت المقالة التراث الجغرافي الإسلامي الذي تعددت مخطوطاته وتوافرت بكثافة في مكتبات البلاد الغربية، وأقبل على دراستها المستشرقون خدمةً لأغراضهم ودوافعهم العدائية ضد الإسلام والمسلمين بتقديم صورة غير حقيقية لهم من خلال قراءتهم وتفسيرهم وتحريفهم لذلك التراث؛ من هنا غدا من الواجب الاهتمام بدراسة الجهود الجغرافية لعلمائنا، بما في ذلك بحث تاريخ الجغرافيا الذي يمكن أن يشكّل حقلاً دراسيًا مهمًا في جامعاتنا الإسلامية يتناول: التاريخ الجغرافي القديم، والتاريخ الجغرافي الوسيط، والتاريخ الجغرافي الحديث والمعاصر؛ أما من حيث دراسة التاريخ الجغرافي القديم فيطرح الكاتب تصورًا لها بحيث تجمع بين الدراسات التاريخية، والأثرية، والجغرافية، والرحلات؛ ويرى الكاتب أن غياب مرئيات الدراسات الجغرافية العربية الإسلامية حول التاريخ القديم راجع إلى عدم تصور واضح لها في هذا الصدد، على الرغم من أن الحضارة العربية الإسلامية قد سادت وتأصّل وتعاظم تراثها؛ ثم أشار الكاتب إلى دراسات الدروب أو الطرق التجارية وطرق القوافل، والعلاقات الاقتصادية. وتقدم المعلومات عن الجبال والسهول والوديان التي عرفها العرب في الماضي دليلاً على أهمية الجغرافيا وتقصي أثرها في الحياة والعلاقات السياسية؛ ولما أشرق نور الإسلام على أرض الجزيرة العربية، وظهرت مرحلة جديدة وحضارة إسلامية جديدة لها أثرها في الجغرافيا بأبعادها المنهجية الاجتماعية والطبيعية، وذكر الكاتب أن ذلك حدث في مرحلة التاريخ الجغرافي الوسيط، وتعد من أخصب وأغنى المراحل، وقد تعاملت مع حياة الإنسان بصورة متكاملة شملت جميع جوانبها، وشهدت دخول الناس في دين الله أفواجًا من أمم شتى وحضارات كثيرة؛ ثم تطرق إلى دراسة العلاقة بين نتاج الحضارة الإسلامية، وتطور الفكر الجغرافي عند المسلمين الذي تمخض مثلاً عن كتاب المسالك والممالك لابن خرداذبة، ووصف مكة لابن الفقيه، ووصف بغداد لليعقوبي، وأخبار مكة للأزرقي، وصورة الأرض للخوارزمي، ورسالة البحار والمياه والجبال للسرخسي، ويضاف إليها أدبيات المواضع، وهي من الأهمية بحيث تستحق اهتمام الجامعات والمعاهد والباحثون في بلادنا العربية لإبراز دورها في إثراء الفكر الجغرافي الحديث.
|