يتناول الكاتب انتشار المدّ العثماني والجامعة الإسلامية في مناطق جنوب الجزيرة العربية، وتصدي الإنجليز أصحاب السيطرة في عدن لهذه الحركة الإسلامية في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر والسنوات الأولى من القرن العشرين؛ هدف كاتبها إلى عرض جهود العثمانيين والجامعة الإسلامية ضد الاستعمار البريطاني في جنوب الجزيرة العربية وموقف الإنجليز من هذه السياسة. وقد رجع إلى الدراسات والوثائق التاريخية المتعلقة بمنطقة الدراسة. وقدم لدراسته بشرح أبعاد السياسة البريطانية في جنوب الجزيرة العربية، واستيلاء بريطانيا على عدن سنة 1839م، وعقدها المعاهدات مع الأمراء والسلاطين والشيوخ في المنطقة، وكانت عدن في غاية الأهمية للتجارة بين الشرق والغرب، فالطريق التجاري الذي تعبر خلاله منتجات إنجلترا والهند سيحقق التبادل التجاري مع اليمن وحضرموت، يضاف إلى ذلك أن التجارة مع الشاطئ الأفريقي الشرقي سوف تتركز في سوق عدن، الأمر الذي يتطلب الهدوء والاستقرار في عدن، وتم تحقيق ذلك بوجود القوات البريطانية فيها، وكذلك بمسعى بريطانيا للارتباط بعلاقات ودية مع الحكام العرب في المنطقة. وقد انفرد الإنجليز بخيرات جنوب الجزيرة العربية فترة طويلة من الزمن، وكان سلطان لحج قد تحول إلى إحدى ركائز وجود الاستعمار البريطاني في المنطقة، وبذلت الحكومة العثمانية محاولاتها لتحرير العالم الإسلامي من ربقة الاستعمار البريطاني وقتذاك، وسعت لإتمام السيطرة على جنوبي الجزيرة العربية، وضم هذه المنطقة إلى دولة الخلافة الإسلامية، وكانت في ذات الوقت تعمل جاهدة على ألا تصل الأمور إلى حرب شاملة مع بريطانيا. ولما كانت الجامعة الإسلامية هي مد السيادة العثمانية على أجزاء العالم الإسلامي، فإن العثمانيين حاولوا التمسك بموقع قدم لهم في جنوب الجزيرة العربية بوصف الدولة العثمانية دولة الخلافة الإسلامية، وأن سيادتها تمتد على كل الشعوب الإسلامية، وقويت هذه السياسة أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وتكشف الوثائق البريطانية تخوف الإنجليز في جنوب الجزيرة العربية من حركة الجامعة الإسلامية في المنطقة، واتخذوا السياسات المناهضة والمقاومة للجامعة الإسلامية للمحافظة على مكانة بريطانيا في بلاد العرب، وعملت حكومة الهند البريطانية على دعم الوجود البريطاني في عدن، والاحتفاظ بحامية بريطانية قرب إمارة دثينة معقل حركة الجامعة الإسلامية في الجنوب، وتمكن البريطانيون من إثارة الفرقة بين العثمانيين والزيديين في اليمن، مما حدّ من المدّ العثماني وقوة حركة الجامعة الإسلامية في المنطقة.
|